أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد محمد الصبار، مساء أمس الأربعاء، على أن المجلس يعمل من أجل تحقيق انفراج سياسي كبير بالمغرب. وأشار السيد الصبار، الذي حل ضيفا على برنامج "نقط على الحروف" على القناة الثانية (دوزيم)، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان قام بمجموعة من المبادرات المهمة وعمل على الشروع في حل قضايا حقوق الإنسان الجارية، معتبرا أن هناك "إرادة حازمة" للانتقال إلى وضع أكثر تقدما. وذكر بأن الإعلان عن إحداث المجلس جاء في سياق إقليمي تفاعل فيه المغرب بسرعة مع المطالب الكبرى للمجتمع، مبرزا أنه تمت إعادة النظر في صلاحيات المؤسسات الوطنية والشروع في الإصلاح الدستوري، وهي إجراءات من شأنها تغيير بنية الدولة المغربية. ومن بين المبادرات التي قام بها المجلس كبداية لتحقيق الانفراج السياسي، أشار السيد الصبار إلى الملتمس المرفوع إلى جلالة الملك للعفو وتخفيف العقوبة في حق 190 معتقلا سياسيا، مبرزا أن المجلس يعمل بصورة "عملية وواضحة" على تلقي طلبات العفو ودراسة الملفات لإعداد لائحة ثانية لمعتقلي رأي أو عقيدة أو لأسباب سياسية لم يثبت تورطهم في أفعال جرمية واضحة تخالف القانون. وبخصوص تفاعل المجلس الوطني مع مجموعة من الأحداث الكبرى على صلة بحقوق الإنسان خلال الأسابيع الماضية، أشار السيد الصبار إلى قرب الإعلان عن تقرير أنجز على خلفية أحداث مدينة خريبكة وذيل بمجموعة من التوصيات الموجهة إلى المؤسسات المعنية، بالإضافة إلى إجراء تقرير معاينة حول أحداث مدينة العرفان. وفي ما يتعلق بحالة المعتقل الشارف بوشتة الذي ادعى تعرضه للتعذيب، فقد أكد السيد الصبار، الذي سبق ودافع عنه بصفته محاميا، أن المعني بالأمر لم يشر أثناء استنطاقه تفصيليا إلى تعرضه للتعذيب بالرغم من كونه نفى حينها التهم المنسوبة إليه في محاضر الشرطة، وأنه رفض الخضوع لخبرة طبية بطلب من الوكيل العام للملك. وأضاف في السياق ذاته أن المجلس عازم على مراسلة وزير العدل باعتباره رئيسا للنيابة العامة ومسؤولا عن السياسة الجنائية من أجل تشكيل لجنة للوقوف في عين المكان. وشدد الأمين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على ضرورة احترام المقتضيات القانونية المرتبطة بالاعتقال في مختلف أنواع الجرائم، مذكرا بأنه لم تسجل منذ الإعلان عن إحداث المجلس أية حالة واحدة للاختفاء القسري بالمغرب الذي كانت له الجرأة لفتح ملفات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. واعتبر السيد الصبار أن ما حصل بعد أحداث 16 ماي "لا يمكن مقارنته بما حصل خلال سنوات الرصاص، دون أن ننسى أن العالم شهد نكوصا في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة (معتقل غوانتانامو، الترحيل السري للمعتقلين عبر مطارات أوربية..) بسبب الحرب على الإرهاب"، مبرزا أنه يتعين أن تكون مواجهة الإرهاب مبنية على قاعدة حقوق الإنسان. وسجل بأن دسترة توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة في حد ذاتها ضمانة لعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان، ومن بينها على الخصوص تجريم الاختفاء القسري والتعذيب، معتبرا أن المجلس الوطني يعتبر ملزما أخلاقيا ومعنويا بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات ومواصلة جهود استجلاء الحقيقة الشاملة حول الاختفاء القسري. ورأى بأن "هيأة الإنصاف والمصالحة قامت بمجهود جبار لاستجلاء حقيقة حالات الاختفاء القسري، إذ بقيت سبع حالات غير معروفة المصير من بين حوالي 850 ملفا عرضت على الهيئة". وأبرز أن تجربة المغرب في معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان اختارت التسوية السياسية عوض التسوية القضائية، مبرزا أن الحركة الحقوقية التونسية ترغب حاليا في الاستفادة من التجربة المغربية. وبخصوص استكمال هياكل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أعلن أنه سيتم إحداث لجان جهوية من أجل العمل الميداني وتحقيق سياسة القرب مع المواطنين في مختلف ربوع المغرب، موضحا أن اللجان الجهوية ستتوفر على الاختصاصات ذاتها للمجلس الوطني في مجال المراقبة والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف أن تركيبة أعضاء المجلس، التي سيراعى فيها التوازن وحضور المرأة، ما زالت في طور الإعداد قبل رفعها إلى أنظار جلالة الملك للمصادقة عليها، مؤكدا على أن التركيبة ستراعي تنوع المجتمع المغربي وستحتفظ بمكانة للطائفة اليهودية. وأشار أيضا إلى جهود المجلس على مستوى حفظ الذاكرة عبر الاهتمام بمجموعة من الأماكن التي كانت تعتبر مراكز اعتقال سابقا وتحويلها إلى مراكز ثقافية واجتماعية، وتنظيم ندوات تتناول تاريخ هذه المراكز. أما في ما يتعلق بإدماج المعتقلين السابقين، فقد صرح السيد الصبار بأن المجلس قدم أزيد من 5 آلاف بطاقة تغطية صحية، وأشرف على توظيف 109 شخص، وقدم إعانات السكن ل 74 شخصا، بالإضافة إلى مساعدات مادية وعينية لمجموعة من المعتقلين السابقين، مؤكدا على أنه "على الجميع، دولة وقطاع خاص، تحمل مسؤولية إدماج هذه الفئة من المجتمع".