أكد المشاركون في ندوة وطنية علمية خصصت لتكريم الأستاذ أحمد الخمليشي، اليوم الأربعاء بالرباط، أن هذا العلامة يعتبر أبرز منظري الإصلاح المغربي ومرجعا لكل رجال ونساء القانون بالمغرب وعلما من أعلام الفكر والعلم والتنوير والاجتهاد. وأشاد المشاركون في هذه الندوة التي نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية (الرباط-أكدال) حول موضوع "تطوير الاجتهاد: قراءة في أعمال الأستاذ أحمد الخمليشي" بتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء ومؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، بحس المسؤولية الرفيع الذي يتمتع به المحتفى به وبمهارة تنقيبه ودقة ملاحظته وعمق تحليله باعتباره رمزا للتجديد الفقهي. وفي هذا الصدد اعتبر رئيس شعبة القانون الخاص بالكلية السيد فريد الباشا في كلمة افتتاح الندوة أن الأستاذ الخمليشي كان سباقا لاستنباط الحلول التقدمية من الشريعة الإسلامية السمحاء واقترح مقتضيات متطورة وناضل إلى جانب النساء المغربيات من أجل تحسين الوضع القانوني للمرأة. وأبرز أنه تمكن من تحقيق التطوير النوعي للنص القانوني الخاص بالأسرة ووضع المغرب في مصاف الدول ذات القوانين المتقدمة في مجال الأسرة والمرأة والزواج، إذ ساهم في جعل النساء المغربيات يحققن مكاسب تاريخية. ولعل ما ميز أبحاث الأستاذ الخمليشي، يضيف السيد الباشا، توصله إلى عدم وجود تناقض بين الشريعة الإسلامية السمحاء وحقوق الإنسان وكذا بنيها وبين مؤسسات الحضارة الحديثة في جوانبها الاقتصادية والسياسية والعلمية. ومن جانبه، استحضر نائب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء السيد أحمد السنوني بعض صفات الأستاذ الخمليشي التي كانت ملهمة لأجيال ممن عرفوه وتتلمذوا على يده، فرأى فيه "العالم الذي نذر نفسه للعلم والبحث محللا ما يكتب ويقال ويمارس في ضوء ما اقتنع به من منطلقات ورؤى، غير جازم بصحة ما توصل إليه حريصا على رأي غيره، معبرا عما خلص إليه من نتائج في شجاعة ووضوح ودقة". وأضاف أن المحتفى به يعد "مسؤولا يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار ولا يفتأ يؤكد بلسان الحال والمقال أن الإخلال بالمسؤولية سواء كانت فكرية أو تنفيذية يعمق الهوة بيننا وبين ما نصبو إليه". وبدوره، اعتبر الرئيس المنتدب لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير السيد محمد جرين أن تكريم شخصية جليلة أسدت خدمات قيمة للمغرب من وزن الأستاذ أحمد الخمليشي يأتي عرفانا بإخلاصه وتفانيه في البحث العلمي، كما يشكل مناسبة لإلقاء الضوء ودراسة جزء هام من أبحاثه التي تمحورت حول عدة ميادين فكرية تتعلق أساسا بالاجتهاد والإصلاح. أما المحتفى به، فاستحضر بعض الذكريات التي طبعت مساره في مجال التدريس الذي امتد على ثلاثة عقود، والتي احتفظ ببعض الوثائق المتعلقة بها، مذكرا ببعض الأسئلة التي كان يطرحها على الطلبة والأجوبة عليها. وبالإضافة إلى جلستين لتقديم بعض المداخلات، وعرض شريط فيديو حول مسار الأستاذ الخمليشي، تضمن برنامج الندوة تقديم شهادات لبعض الأساتذة وشخصيات سياسية وجمعوية في حقه، أجمعت على ريادته في خلخلة بنيات التحجر الفقهي وإعادة الاعتبار لآلية الاجتهاد وفقه المقاصد.