تمت يوم أمس السبت بجامعة السربون بباريس الاشادة بمكانة الراحل العقيد والكاتب محمد بوغدادي، كأحد أبرز المختصين في قضية الصحراء، والذي وافته المنية في غشت الماضي بعد مسار غني في المجال العسكري والبحث. جاء ذلك خلال لقاء مناقشة تناول موضوع "تسوية نزاع الصحراء ، ضرورة ملحة للاستقرار السياسي بمنطقة المغرب العربي" وتم خلاله تقديم آخر مؤلف للراحل " نظرة حول الأمن الأورو مغاربي أمام الرهانات الصحراوية" .
وفي معرض تقديمه للكتاب أبرز الدكتور لحسن مهراوي عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية أهمية العمل الذي قام به الراحل بوغدادي سواء على مستوى البحث أو التوثيق .
وأكد أن هذا العمل هو "ثمرة بحث توثيقي جاد وتحليل ميداني بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء"، مستدلا في ذلك، على الخصوص، بفصلين من الكتاب يؤكدان "الروابط التاريخية والسياسية والقانونية المغربية-الصحراوية".
وأوضح أن الفصل المعنون ب"الصحراء، الشعب نفسه داخل الحدود نفسها" وضع جردا لجميع القبائل الصحراوية وفخذاتها وفروعها وتطرق لتاريخ كل قبيلة وتوزيعها على التراب الوطني، مستدلا في ذلك بقبيلة الركيبات باعتبارها واحدة من أكبر القبائل الصحراوية.
وأشار الباحث في هذا السياق إلى أن الركيبات هم شرفاء أدارسة ينحدرون من أول أسرة مسلمة تولت الحكم بالمغرب من 788 م إلى 1016 م مستدلا في ذلك ب"ظهير للسلطان مولاي عبد العزيز، سنة 1904، يؤكد مرتبة الشرف" لهذه القبيلة.
كما توقف المحاضر مطولا عند فصل آخر من الكتاب يتعلق ب"مغربية الصحراء من خلال شهادات، اتفاقيات دولية واستشهادات"، مؤكدا أن الوثائق التي تتناول العلاقات المغربية-الصحراوية، "تحتل مكانة أساسية بالنسبة للباحث حول الصحراء".
ومن بين العدد الكبير من الوثائق التي يتضمنها الكتاب، هناك عقد البيعة الذي رفعه السيد إبراهيم ولد عبداللاهي ولد سيدي يوسف شيخ قبيلة ازركيين، الى جلالة المغفور له محمد الخامس في الرابع من نونبر 1926.
وفي هذا الصدد أوضح المؤلف أن هذا الشيخ هو جد علي بيبا ولد الدويهي ولد سيدي يوسف (المعروف بمحفوظ علي بيبا)، أحد مسؤولي "البوليساريو" وأن هذا الاخير ليس الوحيد ضمن قادة الانفصاليين الذي قدم آباؤه وأجداده البيعة لسلاطين المغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن الراحل محمد بوغدادي، وهو من مواليد سنة 1936 بمدينة الصويرة، والذي واكب عن كثب التحولات الاجتماعية والأحداث السياسية بالمنطقة منذ سنة 1958 (استرجاع طرفاية)، ترك العديد من المؤلفات، من بينها "الصحراء المغربية بين الماضي والحاضر" (1999) و"النزاع الصحراوي، قراء جديدة" (2001) و"الصحراء المغربية والحلول المقترحة للنزاع الصحراوي" (2004) و" النزاع الصحراوي في نطاق الأمن الأورو المغاربي" (2007).
كما تميزت هذه المحاضرة بمداخلة للاستاذ عبد الحميد الوالي، عضو اللجنة الاستشارية للجهوية، الذي دعا الشباب المغاربة المقيمين بفرنسا لإبراز مصداقية المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي وجديته لتسوية قضية الصحراء، للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني الفرنسي.