ينتظر المراقبون أن تقرر قوى آذار (موالاة سابقة) أمر المشاركة من عدمها في الحكومة التي يستعد رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي لإعلانها في الأيام القليلة المقبلة ,في ظل التكهنات المتباينة بشأن تشكلها وهويتها وعدد المستوزرين. ولا تستبعد مصادر ميقاتي أن يفسر صبره الطويل بالرغم من إعلان قوى 14 آذار عدم المشاركة في حكومته المرتقبة إلا بشروط,بكونه لم يقطع الأمل من مشاركة بعض مكوناتها خاصة منها حزب الكتائب. فقد تعددت اتصالات ميقاتي بحزب الكتائب,دون استبعاد أن يكون سعد الحريري ليس بعيد عن أجوائها حسب جريدة (السفير)،من أجل إقناعه بالمشاركة في الحكومة ولو لم يشارك فريقه،خاصة وأن تيارين يتوزعان الحزب ,يرى أحدهما ألا فكاك من تبني موقف تيار 14 آذار ذاته ,فيما يرى آخر أن المشاركة لن تضر إذا لم تنفع. ونقلت جريدة (النهار)،من جهتها،عن مصادرها أن "المراسلات مستمرة بين ميقاتي وقوى 14 آذار وتحديدا عبر البوابة الكتائبية التي بادر إلى فتحها رئيس الحزب أمين الجميل،ومن ثم اتسعت مع زيارة رئيس الهيئة التنفيذية لحزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع لرئيس الوزراء المكلف,والتي تستكمل بالتفاهم بين مكونات قوى 14 آذار". وبالرغم من تحصن الرئيس المكلف وراء جدران الصمت والكتمان عما آلت إليه نتائج مشاوراته مع الأطياف السياسية،فإنه في حال ما إذا كانت أجواء اللقاءات إيجابية قد ينضم النائب فؤاد السنيورة،الذي يقود فريق (المستقبل) بمجلس النواب،إلى جعجع والجميل في زيارة إلى ميقاتي،أما إذا كانت سلبية فإن "المبادرة ستنتهي عند هذا الحد" حسب توقع جريدة (الشرق). ويبدو أن حزب الله وحركة أمل يسعيان لتسهيل مهمة ميقاتي ما وسعهما الأمر وإن كانت الحركتان تطمحان لعدم خروج حقيبة المال من يدي وزير شيعي،كما وعد بتسهيل مهمة ميقاتي إلى "حدود معينة" زعيم تيار المردة سليمان فرنجية. أما رئيس (تكتل التغيير والإصلاح) النائب العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر،حليف حزب الله في قوى 8 آذار(معارضة سابقة)،الذي يقول عنه سمير جعجع أنه "يريد حكومة من لون واحد تدين بالولاء لسورية ولحزب الله"،فيلح على مناصب محددة لأعضاء من حزبه من بينها وزارة الداخلية. ونقلت جريدة (المستقبل),الناطقة باسم التيار الذي يرأسه سعد الحريري,عن أوساط مقربة من ميقاتي قولها إنه "لن يوافق على أسماء كانت طرحت وتشكّل حساسية لدى أطراف أخرى,إذ انه يريد حكومة إنتاج وليس تصادما" مستبعدة موافقته على هذه الأسماء. وأضافت أنه سيعلن عن الحكومة حال تشكيلها وفق "مسار طبيعي" من المشاورات مشيرة إلى أن إعلانها "غير مرتبط بتواريخ معينة" في إشارة إلى ما تردد عن كون التشكيلة الحكومية جاهزة ,لكن لن يعلن عنها إلا بعد 14 فبراير الجاري،موعد إحياء ذكرى اغتيال رفيق الحريري أو بعد صدور القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وفي هذا السياق,نقلت جريدة (اللواء) عن مصادر نيابية قولها أن التوجه لتأجيل إعلان الحكومة "يضر بالوضع الداخلي السياسي،خصوصا وأنه تأمن لميقاتي غطاء دولي وعربي وداخلي،"الأمر الذي يتيح له الإسراع بتشكيل الحكومة،بعدما باتت ملامحها واضحة" أي أن تكون سياسية مطعمة بشخصيات تقنوقراطية. ورأت هاته المصادر أن ميقاتي "وصل مرحلة الحسم"،خاصة بالنسبة لقوى 14 آذار التي لم تحصل على الحصة الوازنة (الثلث وما فوق) ,الأمر الذي أدى إلى "تراجع حماس "بعض أطرافها للمشاركة فضلا عن رفضها أن تكون بمثابة "شهود زور" في مجلس الوزراء،خاصة وألا تفاهمات ولا توافقات مسبقة حول الملفات الخلافية" التي ستعالجها الحكومة (المحكمة أو السلاح غير القانوني والإصلاح الإداري والملف الاقتصادي). ونقلت (المستقبل) أيضا عن الأمانة العامة لقوى14 آذار تشديدها على "الثوابت" التي طرحها ممثلوها على ميقاتي،وأولها "التمسك بالمحكمة التي هي جزء أساسي من التزام الدولة اللبنانية بحماية مواطنيها وقادة الرأي فيها من جرائم الاغتيال السياسي كما هي جزء من التزامات لبنان الدولية". وتشاور ميقاتي أمس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الاتصالات التي يجريها في اتجاهي فريقي 8 آذار و14 آذار. وبدا,حسب جريدة (النهار) أن ثمة "توافقا بينهما على إتاحة مزيد من الوقت لهذه الاتصالات لاستنفاد الجهد القائم" من أجل إشراك قوى 14 آذار في "حكومة وحدة وطنية" أو"حكومة إنقاذ وطني". وموازاة مع الجهود الداخلية للرئيس ميقاتي ومختلف الفرقاء،تتواصل الجهود الخارجية من وراء الستار ,خاصة منها السورية والقطرية والتركية التي لا ترى أن مبادراتها آلت إلى الفشل،بل إنها أثمرت أفكارا تسعى مختلف الأطراف إلى بلورتها للخروج من نفق الأزمة الحالية التي يعرفها لبنان.