أكد خبراء اقتصاد مغاربة، مساء أمس الخميس بالدار البيضاء، أن النظام المالي المغربي استطاع أن يصمد أمام الأزمة المالية العالمية التي خيمت بظلالها على معظم الدول الغربية خلال سنة 2009. وأجمع هؤلاء المتدخلون في مائدة مستديرة نظمتها جمعية دعم القيادات بالمغرب حول موضوع "رهانات وآفاق الاقتصاد المغاربي عقب الأزمة المالية"، بمشاركة كل من السادة فتح الله ولعلو وزير المالية الأسبق ورئيس مجلس مدينة الرباط، وإدريس بنعلي أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، وجواد الكردودي رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، ورشيد الصفريوي رئيس مجموعة "فيناتيك" لتكنولوجيا المعلومات، على أن تأثيرات الأزمة المالية التي عرفها العالم خلال سنتي 2008 و2009 اقتصرت انعكاساتها، بالخصوص، على جانب من الصادرات المغربية. وأكد السيد فتح الله ولعلو أن النظام المالي والبنكي المغربي لم يعان كثيرا من الأزمة وما يزال يشتغل ويمول وينشط الاقتصاد، مشيرا إلى أن سنة 2009 عرفت إنتاجا فلاحيا جيدا وبالتالي نسبة نمو إيجابية. وأضاف أن الأزمة العالمية سوف تفرز نظاما يقوم على منطق تعدد الاقطاب، مع ظهور مراكز اقتصادية عالمية جديدة تصاحبها اختيارات استراتيجية تتبلور حول البحث عن طاقات متجددة، وترسيخ اقتصاد البيئة. وأكد السيد ولعلو أن المغرب مدعو مستقبلا إلى تنويع الاقتصاد بهدف تحقيق نسبة نمو متميزة والاهتمام بالقطاعات المصاحبة، كالتعليم والتكوين، العنصر البشري، والطاقة ومحاربة الفقر والحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية واعتماد أكثر على الجهوية والحكامة الجيدة في جميع المجالات الحكومية وغير الحكومية والوعي بالبعد الإقليمي، مشيرا إلى أن اقتصاديات العالم تتجه حاليا نحو المجموعات والتكتلات وعودة تدخل الدولة. ودعا إلى الاهتمام أكثر، في خضم المجهودات المبذولة للخروج من الأزمة، بالعلاقات بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط وبعلاقات المغرب مع الدول الأوروبية في أفق تعزيز التعاون من أجل تحقيق تنمية شاملة في المنطقة. ومن جهته، أكد السيد إدريس بنعلي أن الأزمة العالمية تملي على البلدان النامية النظر إلى الأوضاع بواقعية وطرح تساؤلات حول الاختيارات الاستراتيجية في مجال الاقتصاد، داعيا إلى تأهيل القطاعات الاقتصادية والعمل على تحقيق التنمية الاجتماعية وتبني الحكامة في تدبير القضايا الاقتصادية. وفي معرض حديثه عن صمود الاقتصاد المغربي أمام الأزمة العالمية، أوضح السيد جواد الكردودي أن النظام البنكي المغربي استطاع الصمود بفضل قوة الإطار الماكرو-اقتصادي من خلال النتائج الإيجابية التي تحققت ما بين سنتي 2000 و2008. ودعا السيد الكردودي إلى تقوية القدرة التنافسية للاقتصاد المغربي وتنويع وجهة الصادرات المغربية وتطوير الموارد البشرية، مبرزا أهمية تبني الحكامة في تدبير الشأن العام. ومن جانبه، أبرز السيد رشيد الصفريوي الدور الذي ستلعبه التكنولوجيا الحديثة خلال العشرية القادمة، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العالمية سلطت الأضواء على أدوار جديدة لهذا القطاع بالمغرب. وأضاف أن الدول الأوروبية أصبحت تعي أهمية الخدمات التي يمكن للمغرب أن يقدمها في مجال التكنولوجيات الحديثة للإعلام، معربا عن الأمل في أن يساهم هذا القطاع بفعالية في تطوير الاقتصاد المغربي.