كانت سنة 2010 بالنسبة لسكان مدينة فاس وجهتها، الذين كانوا في السابق مجبرين على مواجهة الأمراض الخطيرة والمكلفة، بلسما لكافة آلامهم، فقد شهدت السنة عددا من الإنجازات الطبية الهامة. ويقف خلف هذه الإنجازات، جراحون وأخصائيون في تخصصات طبية دقيقة، ساعدتهم في ذلك البنيات التحتية الحديثة والتجهيزات الطبية ذات التكنولوجيا المتطورة وضعت رهن إشارة المركز الاستشفائي الجامعي الجديد الحسن الثاني. عمليات متعددة ناجحة، من بينها زرع عظم على مستوى الرجل وكذا يد بكاملها تعرضت للبتر وكلية اعتمادا على متبرعين أحياء علاوة على عمليات جراحية معقدة للقلب ، مكنت المرضى الذين استفادوا من هذه العمليات، من استعادة الحياة الطبيعية، وأيضا إعادة الأمل لأشخاص يعانون في صمت. آخر الإنجازات الطبية شمل إزالة ورم على مستوى القصبة الهوائية مع الاحتفاظ الكامل بالرئتين، في سابقة من نوعها على المستوى الوطني. وأشهرا قبل ذلك، كان المركز الاستشفائي الجامعي قد شهد تحقيق نجاحات أخرى في عمليات لا تخلو من صعوبات، لم تكن تتم في السابق إلا بالمراكز الاستشفائية بالرباط والدار البيضاء أو بالخارج. فقد أنجز المركز عمليات من قبيل الاستئصال التام لورم خبيث أو زرع لاجزاء اصطناعية على مستوى الكتف وزراعة القرنية لفائدة أشخاص ضعاف البصر. وإلى جانب كفاءة الطاقم الطبي للمركز، فقد تم القيام بهذه العمليات بفضل التجيهزات الطبية التي وضعت رهن إشارة المركز من طرف وزارة الصحة والتي تم إدخالها إلى المغرب للمرة الأولى، حسب البروفيسور خالد آيت طالب، مدير المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس. * نحو تكفل علاجي أفضل * تشكل هذه الإنجازات جزءا لا يتجزأ من مسار حافل لتطوير جودة الخدمات والتكفل، تم إطلاقه سنة 2009، السنة التي شهدت تدشين هذا المركز الاستشفائي. ويضيف المسؤول، وهو أيضا رئيس قسم الجراحة الباطنية بالمركز أنه "إذا كانت مختلف الإجراءات المتخذة في هذا السياق تساهم في تحسين جودة التكفل على مستوى التشخيص والعلاج بالنسبة للمرضى، فإنها تمكن أيضا من الرفع من استقطابية المركز على المستوى الجهوي والوطني، وفي الوقت نفسه توسيع مجال الساكنة التي يمكنها الاستفادة من خدماته، والتي تتجاوز حاليا الثلاثة ملايين نسمة". غير أن توسع ساكنة الجهة يؤدي بالأساس إلى تأخير المواعيد الطبية، حيث يمكن للمريض أن ينتظر لعدة أشهر من أجل القيام بصورة الرنين المغناطيسي. هذا المشكل، إلى جانب مشاكل أخرى سيتم العمل على حلها، بفضل تطبيق أفضل للنظام الإعلامي الاستشفائي الذي وضعه المركز. وإلى جانب تدبير الملف الطبي للمريض، يوضح البروفيسور آيت طالب فإن هذا النظام التكنولوجي يشكل أيضا وسيلة إحصائية لتقييم إنجازات المركز ووسيلة موثوقة للتخطيط الاستراتيجي. * التكنولوجيات الحديثة في خدمة الطب * تركت التكنولوجيات الحديثة التي تزود بها المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني أثرا طيبا بالنظر لكونها تمكن من تخفيف أعباء العمل بالنسبة لمختلف التخصصات الطبية، مما يعني تكفلا أفضل بالمرضى. كما أن الاستغلال الأمثل للتكنولوجيات الحديثة يحظى بأهمية قصوى في إنجاز العمليات المعقدة، أخذا بعين الاعتبار الجانب العملي والجمالي في الوقت نفسه. ويستعرض مدير المركز، بهذا الخصوص، تقنيات الطب عن بعد في تكوين الأطباء في المستقبل وتحسين نجاعتهم المهنية. وسيتم خلال سنة 2011 تعزيز مسلسل تحسين التكفل العلاجي، من خلال توسيع العلاجات المقدمة. فعلى غرار الوحدات المتخصصة في سرطان الأطفال ومراقبة النوم التي أصبحت عملية، فإن وحدات أخرى لمكافحة الإدمان وكذا الطب النفسي للأطفال سترى النور قريبا من أجل تجنيب ساكنة الجهة عناء السفر وتقليص آجال الانتظار. كما أن النهوض بظروف التكفل يدخل ضمن مقاربة شمولية للتنمية المستدامة، إذ أن مخطط 2011 يؤكد في هذا الصدد، على إرساء سياسة حقيقية للبيئة والتنمية المستدامة، تتمحور أساسا حول ترشيد استهلاك الطاقة والحد من المخاطر البيئية وكذا إدماج الطاقات المتجددة في الحفاظ على محيط المركز.