أكد المشاركون في ندوة حول "الصحراء المغربية بين الشرعية التاريخية والإكراهات السياسية"، امس الخميس بفاس، أن التعبئة الشاملة لمختلف مكونات الشعب المغربي كفيلة بإفشال مخططات خصوم الوحدة الترابية وتعزيز موقف المملكة بخصوص مغربية الصحراء. وأبرزت مداخلات الندوة، التي نظمتها النقابة الوطنية للأساتذة الباحثين، بشراكة مع الجماعة الحضرية لفاس وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، أن مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يظل الحل الأنجع الذي يستجيب لدعوات مجتمع دولي يتطلع إلى حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء، كما أنه ينسجم مع المعايير الدولية المتعلقة بأنظمة الجهوية والحكم المحلي. وعاد السيد شيبة ماء العينين، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إلى جذور نزاع الصحراء، موضحا أن مظاهر السيادة المغربية كانت دائما ثابتة وواضحة لاسيما من خلال علاقات القبائل بالسلطة المركزية وعمق الروابط الاجتماعية والدينية مع باقي سكان المملكة في ظل التحام راسخ بين الشمال والجنوب. وفسر السيد شيبة ماء العينين الموقف العدائي للجزائر على هذا الصعيد بعاملين أساسيين : اقتصادي يتعلق برغبتها في الحصول على منفذ على الأطلسي لتصريف منتجاتها، وسياسي استراتيجي يتمثل في السعي إلى تطويق المغرب وقطعه عن امتداده الجنوبي الإفريقي، مشيرا إلى أن موقف الجزائر من ملف الصحراء يرتبط إلى حد كبير بتعطل التحول الديموقراطي في هذا البلد. وقال إن الرؤية بدأت تتضح تدريجيا أمام الرأي العام الإسباني والدولي بعد حملات التضليل الإعلامي التي أعقبت اندلاع أحداث العيون، داعيا إلى تفعيل حركة الدبلوماسية الشعبية بمختلف روافدها من أجل الدفاع عن حق المغرب في الحفاظ على وحدته الترابية. من جانب آخر، أبرز السيد عبد الله البقالي، نائب رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن "ضعف إمكانيات وشروط عمل وسائل الإعلام الوطنية يؤثر على دورها في التعبئة حول قضية الصحراء المغربية، خصوصا لجهة ضعف المحتوى الإخباري والتحليلي في المؤسسات السمعية البصرية ومحدودية تداول الصحف، مما يحول دون أن تجد المادة الاعلامية امتدادها المنشود لدى أوسع الشرائح". وأعرب السيد البقالي عن ثقته في "إمكانية اضطلاع الإعلام الوطني بمهام تعبوية هامة شريطة تجاوز المقاربة التقليدية القائمة على حجب المعلومات، والتي لم تعد تصمد في زمن العولمة المفتوحة"، معتبرا، من جهة أخرى، أن الإعلام رسالة وطنية في المقام الأول ولا مجال للتستر ب`"الحياد" أو"المهنية" للإساءة إلى موقف الوطن بشأن قضاياه الحيوية. وخلص المتدخل إلى أن قوة المغرب، على صعيد قضية الصحراء، تكمن في قوة مشروعه السياسي والديموقراطي، مشددا على ضرورة إعادة قراءة أبعاد القضية الوطنية على ضوء المستجدات الأخيرة في اتجاه تكثيف التعبئة الوطنية وسد أي ثغرات قد يتسرب منها خصوم الوحدة الترابية. من جهته، قدم السيد محمد الأعرج، أستاذ الحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عرضا حول محتوى مخطط الحكم الذاتي وآليات تنزيله وتوزيع الاختصاصات بين المؤسسات المركزية والمحلية، مشددا على أن المشروع المغربي يستجيب لأرقى المعايير الدولية في مجال الحكم الذاتي. ونبه السيد الأعرج إلى أن الحكم الذاتي لا يتنافى مع مبدأ السيادة الوطنية بل يعززها من خلال تنظيمات متجددة متكيفة مع الخصوصيات الجهوية وتصب في صميم المجموعة الوطنية، كما تواكب المناهج الحديثة للحكامة المؤسساتية والاقتصادية. وكان المنظمون قد أكدوا في افتتاح الندوة أن المبادرة تندرج في سياق تفعيل الدبلوماسية الموازية، وضمنها الدبلوماسية النقابية، في الدفاع عن مغربية الصحراء من خلال تعبئة الرأي العام الوطني وتحسيسه بالتطورات الأخيرة للملف "في ضوء الاستفزازات العلنية والمواقف المتعنتة للنظام الجزائري، وفي ظل الحملات المسعورة لبعض وسائل الإعلام الإسبانية المأجورة".