هو "وجه من وجوه الإبداع الركحي".." إسم للتضحية والعطاء ونكران الذات".. "وهب الكثير للعمل المسرحي ووشم الساحة الفنية الوطنية بالعديد من الأعمال الخالدة"، بهذه الكلمات المعبرة والشهادات التي تحمل عرفانا للراحل الأستاذ والفنان المسرحي عباس إبراهيم افتتحت الذكرى الأربعينية لانطفاء هذه الشمعة المنيرة، التي طالما أضاءت فضاءات المسرح الوطني محمد الخامس. - إعداد محمد الصبار- وقد توالت الشهادات في حق الراحل، الذي يعد أحد مؤسسي فرقة "القناع الصغير" في بداية السبعينيات، والتي بالرغم من صدقها وغزارتها، فقد أبخسته حقه كواحد من رواد الفن المسرحي بالمغرب، الذي حرص طيلة حياته على العمل في صمت، وبصمت رحل إلى دار البقاء.
وقد رأى عباس إبراهيم النور، في حي يعقوب المنصور الشعبي بالرباط، سنة 1943 في حضن عائلة مناضلة قاومت الاستعمار الفرنسي، وبهذا الحي وفي فضاء اسمه "مسرح المنصور" تشاء الصدف أن يقام هذا الحفل التأبيني للفنان الراحل، مساء أمس الثلاثاء.
وبهذه المناسبة، قال وزير الثقافة السيد بنسالم حميش في كلمة ألقيت بالنيابة عنه، أن المرحوم عباس إبراهيم ساهم بشكل فعال في دعم أسس مسرح مغربي وضمان جودة ممارسة مسرحية مبدعة، مشيرا إلى أن الفنان الراحل زاول أوجه متعددة للفن المسرحي، تراوحت بين التمثيل والاخراج والتكوين.
وسجل الوزير أن هذه التظاهرة تشكل مناسبة للتأكيد على "التعاطف الدائم والدعم المادي والمعنوي لرجالات المسرح، إيمانا بالقيمة التعبيرية والجمالية التي يضيفها الابداع المسرحي بكل تعبيراته وألوانه إلى المخزون الثقافي المغربي.
وأضاف أن هذا التكريم يعد "عرفانا بالجميل لشريحة قدمت الغالي والنفيس للنهوض بمسرح مغربي أصيل".
من جهته، أبرز السيد حسن النفالي، رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، أن الفنان الراحل كان مهووسا بشغف تكوين الفنانين الشباب والتنقيب على المواهب في المجال المسرحي، لافتا الانتباه إلى أن تجربته في التكوين المسرحي سبقت إحداث المعهد الوطني للتمثيل والتنشيط المسرحي.
بدوره، أوضح الفنان عبد الكبير الركاكنة في كلمة، باسم النقابة الوطنية لمحترفي المسرح (فرع الرباط)، أن الراحل كان "مخرجا مبدعا في أدائه وهب حياته للفن والمسرح.. وضع خطوات لنجوم مغاربة يسطعون اليوم في عالم الفن".
وأشار إلى أن عباس إبراهيم لعب دور البطولة في فليم "الحرية..الحرية"، إلى جانب فنانين فرنسين معروفين.
ودعا المشاركون في هذا الحفل التأبيني إلى إطلاق اسم الراحل عباس ابراهيم على قاعة مسرح يعقوب المنصور، عرفانا له بالشيء الكثير الذي قدمه للفن والتنشيط المسرحيين.
ويعد الفنان الراحل من الفنانين الذين مارسوا المسرح على أسس علمية، حيث درس هذا الفن في فرنسا عقب حصوله على منحة من وزارة الثقافة، وترجم رصيده المعرفي في هذا المجال في إبراز العديد من الفنانين المغاربة، من بينهم منى فتو، ومحمد خيي، ورشيد الوالي، وحسن ميكيات، وعبد الكبير الركاكنة، وبنعيسى الجراري، وذلك من خلال تأطيرهم في "محترف الفن المسرحي".
ومن أبرز الأعمال التي أخرجها الراحل، الذي بزغ بين الجيلين الأول والحالي للمسرحيين المغاربة، "الصعود للمنحدر الرمادي" لأحمد جمعة من البحرين سنة 1986 وغرباء لعبد الكبير بنبيش سنة 1987، و"المنزه" سنة "1985" و"ثلاثية الاصطياف" لجولدوني سنة 1989، و"صدافة حمادي" و"صناديق لعجب" للطيب لعلج سنة 1992، و"آفريكا مهاجر" لعبد الكبير بنبيش، والتي شارك بها في المهرجان التجريبي بالقاهرة سنة 1996 و"سي التاقي" لعبد الصمد الكنفاوي، و"عن تارتوف" لموليير و"قصة فلان" 1999، "ولاهنا لالهيه" و"حنظلة غيت" لعبد الكبير بنبيش.
وكانت الانطلاقة الأولى لهذا الفنان بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص والفن المسرحي بالرباط موسم (1961-1962) حيث قضى خمس سنوات، فتلقى أصول العمل الركحي على أيدي أساتذة كبار كالفنان محمد سعيد عفيفي وفريد بنمبارك وعبد الله شقرون وأحمد الطيب لعلج والهاشمي بنعمر.