يوجد مشروعا قانونين مثيران للجدل ،يقول المدافعون عن حرية الصحافة بأنهما "رجعيان" ، في طور الدراسة داخل أروقة الحكومة والبرلمان بجنوب إفريقيا ،وذلك في محاولة لتنظيم مجال وسائل الاعلام وحماية الاخبار "الحساسة". وأثار هذان المشروعان اللذان يهمان إحداث محكمة خاصة بوسائل الاعلام وحماية الاخبار جدلا في أوساط وسائل الاعلام المحلية والاجنبية وهيئات الدفاع عن حرية الصحافة وعدة شخصيات أخرى التي تعتبر أن سلطات جنوب إفريقيا ستستعمل هذين المشروعين بهدف إسكات الصحفيين الذين يقومون بالتحقيقات وخاصة حول فساد كبار المسؤولين بالبلاد. وعبرت أربع وكالات للأنباء في هذا الصدد عن قلقها إزاء هذين المشروعين لتنظيم وسائل الاعلام. وقالت كل من (أسوشايتد بريس) و(رويترز) و(وفرانس بريس) و(بلومبيرغ) في رسالة الى رئيس البلاد جاكوب زوما إنه " بعد أزيد من 15 سنة على سقوط (الابارتيد) فإننا نعبر عن قلقنا ونضم أصواتنا لاصوات الذين يدافعون على حرية الصحافة والتعبير بجنوب إفريقيا وفي العالم". وبعد انهيار النظام العنصري نصت جنوب إفريقيا على حرية الصحافة في دستورها غير أن الحزب الحاكم ، المؤتمر الوطني الافريقي، يعتزم إحداث محكمة خاصة بوسائل الاعلام يتم تعيين أعضائها من طرف الحكومة ويمكنها أن تعاقب الصحفيين في حال الاخلال بأخلاقيات المهنة. وقالت هذه الوكالات في رسالتها "نعتقد بأن محكمة خاصة بوسائل الاعلام قد تنال من حرية وسائل الاعلام إذا كانت تابعة للبرلمان أو إلى جهاز حكومي". وقد انضمت كل من المنظمة الدولية للدفاع عن الصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود (روبرتور سان فرانتيير) لهذه الحركة الاحتجاجية من خلال دعوة سلطات جنوب إفريقيا إلى العدول عن هذين المشروعين "الرجعيين" اللذين قد يمسان ب "الدور الرائد" للبلاد على صعيد القارة. وقالت منظمة مراسلون بلا حدود في بيان إن " وضع مثل هذه المحكمة في يد سلطات المؤتمر الوطني الافريقي قد ينال من استقلالية وسائل الاعلام". كما تطالب المنظمة الحكومة بتعديل مشروع قانون حول الأخبار، والذي يوسع من نطاق الاخبار القابلة للتصنيف. حيث اعتبرت أن من شأن النص عرقلة تحقيقات الصحفيين "حول موضوعات حساسة، من قبيل فضائح الفساد". وأكدت مراسلون بلا حدود أن " جنوب إفريقيا شكلت إلى حد الآن، من خلال صحافة متنوعة وجريئة، نموذجا لحرية الصحافة بالقارة. غير أن المشروعين المقدمين من طرف المؤتمر الوطني الإفريقي كفيلان بإعادة النظر في هذه الوضعية". وعلى الرغم من الانتقادات الواردة من هنا وهناك، يدافع المؤتمر الوطني الإفريقي عن مشروعه المثير للجدل المتعلق بمحكمة وسائل الإعلام وقرر إحالته على البرلمان بغية دراسة مدى قابلية تنفيذه. وصرح عضو اللجنة التنفيذية الوطنية للمؤتمر الوطني الإفريقي، السيد بالو جوردان، خلال ندوة صحفية، أنه "يجب على البرلمان تحديد ما إذا كان (هذا المشروع) مرغوبا فيه وقابلا للتنفيذ (...). حيث أن النظام الحالي المتعلق بالتقنين الذاتي عبر وسيط ومجلس للصحافة غير مجدي ويتعين تعزيزه". ويعتزم المؤتمر الوطني الإفريقي إحداث محكمة لوسائل الإعلام بإمكانها معاقبة الصحفيين في حالة عدم احترامهم لأخلاقيات المهنة. ففي حالة إحداثها ستعيد هذه المحكمة النظر في منظومة التقنين الذاتي القائمة حاليا. من جهة أخرى، يدرس البرلمان الجنوب إفريقي مشروع قانون حول الأخبار، والذي ينص على تصنيف الأخبار بشكل أكثر على اعتبار ارتباطها ب " الأمن الوطني". وتصل مدة عقوبة نشر هذه الاخبار إلى 25 سنة سجنا. ويثير هذا الجدل حول حرية الصحافة بجنوب إفريقيا ردود فعل قوية في البلاد ويأتي في وقت تعرف فيه العلاقات بين السلطات العمومية ووسائل الاعلام جوا من عدم الثقة. وفي 8 أبريل الماضي قامت جوليوس ماليما إحدى قياديات عصبة الشبيبة بالمؤتمرالوطني بطرد مراسل (بي بي سي) من ندوة صحفية ووصفته بأبشع الأوصاف.