أجمع المشاركون في الجلسة الأخيرة من جلسات اليوم الأول من المناظرة الدولية الرابعة حول المالية العمومية على أن إصلاح مراقبة وافتحاص الماليات العمومية أضحى ضرورة ملحة لتحقيق مزيد من الفعالية والشفافية. واستعرض المشاركون في جلسة، مساء أمس السبت بالرباط، ضمن مناظرة "الحكامة الجيدة للمالية العمومية بالمغرب وفرنسا: أية آفاق"، وتناولت موضوع "أي إصلاحات لمراقبة الماليات العمومية" مختلف المستجدات التي طرأت في مجال مراقبة الماليات العمومية، مشددين على ضرورة التفكير في السبل الكفيلة بتطوير آليات تدبيرها ومراقبتها. وحذر المشاركون في هذه المناظرة، التي تنظمها وزارة الاقتصاد والمالية والجمعية من أجل المؤسسة الدولية للمالية العمومية على مدى يومين، من كون أساليب تدبير مختلف المؤسسات العمومية أو الخصوصية تعرف تطورا سريعا حاملة بذلك معها مفاهيم جديدة كافتحاص الأداء ومخاطر التدبير، في حين لم يطرأ تغيير كبير على طرق المراقبة. وبالنسبة للسيد أحمد الميداوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، فإن "إصلاح المالية العامة شيئ طبيعي من أجل مزيد من الترشيد والدفع بكل أجهزة القطاع العمومي للإنفاق أو التحصيل بما يحترم أهداف التنمية وتطلعات الإصلاح الشامل". وأوضح السيد الميداوي، الذي ترأس هذه الجلسة، أن الجميع يحيي الدينامية والحيوية التي يعرفها إصلاح المالية العمومية بالمغرب، والعمل الجاد الرامي إلى تطوير نظام تدبيرها من أجل أن تكون في خدمة المصالح الأساسية للبلاد. وفي هذا السياق جاء البرنامج الواسع من الاصلاحات التي باشرها المغرب منذ سنة 2001 حسب السيد بنيوسف الصابوني، المفتش العام للمالية، مشيرا إلى أن هذه الاصلاحات تهم تدبير الميزانيات ومراقبة المقاولات العمومية، إضافة إلى نفقات الدولة. وأضاف أن هذه الترسانة من الاصلاحات تروم تحقيق نفس المبتغى المتمثل في تعزيز تنافسية وجاذبية الاقتصاد، وتحسين مؤشرات التنمية البشرية، والارتقاء بالتدبير السليم، وتكريس ثقافة تقديم الحسابات بالدرجة الأولى. وأضاف أن المفتشية العامة للمالية، وعيا منها بهذا الموضوع، أضحت مدعوة للاضطلاع بمهام جديدة تتمثل بالأساس في إشاعة ثقافة جديدة تقوم على الأداء وتقديم النصح والمواكبة، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالأساس بالشروع في تقييم السياسات العامة، وانجاز دراسات ذات طابع مالي واقتصادي، والشروع في افتحاص قدرة تدبير الآمرين بالصرف. أما السيد عبد الله سرحان، الكاتب العام للمجلس الأعلى للحسابات، فأكد في مداخلته خلال هذه الجلسة على أنه يتعين التمييز بين افتحاص الأداء، الذي له بعد تقني، وبين تقييم الأداء وهو مفهوم أوسع يضم، بالإضافة إلى المصطلحات التقنية وافتحاص الأداء، جودة الخدمات العمومية وأثرها على المواطنين. وأضاف أن تقييم الأداء يفترض وجود إطار أوسع للتقييم يشمل العمليات المقيمة (أهمية الأهداف الأولية وطرق تنفيذها وتحسينها)، واعتماد مفهوم الفائدة الاقتصادية والاجتماعية، واتباع إجراءات تقييمية لها خصوصيات الموضوع المراد تقييمه، ثم الاعتماد على قدرات بشرية ذات كفاءة. يشار إلى أنه بالإضافة إلى موضوع "إصلاح مراقبة المالية العمومية" تناولت جلسات اليوم الأول من هذه المناظرة موضوعي "الوسائل الرئيسية لإصلاح ميزانية الدولة"، و"تعبئة الموارد المالية العمومية"، فيما ستتطرق جلسة، اليوم الأحد، لموضوع "إصلاح المالية الجهوية والمحلية".