أكد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ، السيد صلاح الدين مزوار ، مساء أمس الأربعاء بالدارالبيضاء ، أن نجاح الجهوية بكافة أبعادها رهين بتوفر العنصر البشري الذي يجمع بين الكفاءة العملية والنزاهة الفكرية والنظرة السياسية البعيدة المدى. وأوضح السيد مزوار ، خلال لقاء نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار حول موضوع " دور النخبة السياسية في بلورة مشروع الجهوية"، أن القوانين والمؤسسات مهما تكن دقيقة ومتقدمة وثورية، لن تغير في الواقع شيئا ، إلا إذا توفر العنصر البشري الكفيل وحده بتفعيلها . وأضاف أنه أصبح من مسؤولية الجميع المساهمة في إفراز نخب محلية جديدة، مؤطرة سياسيا بشكل كاف يضعها على سكة إنجاح الجهوية التي تعني النجاح في إعادة هيكلة الدولة المغربية بجذورها الضاربة في التاريخ ، والنجاح في إعادة هيكلة الاندماج الإقليمي، والنجاح في تنمية المواطنة الحقيقية الفاعلة، والنجاح في جعل المغربي قادرا على بناء مستقبله . وأكد السيد مزوار أن مشروع الجهوية يكتسي أبعادا إستراتيجية ذات انعكاسات بعيدة المدى " تتجاوز مجرد تدبير الجهة والتفاعل مع احتياجات ساكنتها، إلى إعادة هيكلة الدولة ككل، وصولا إلى لعب دور في إعادة صياغة الفضاء الجيو- سياسي الذي يتحرك فيه المغرب". وأضاف أن كون مشروع الجهوية " مدخلا لإعادة هيكلة الدولة، لا يعني فقط إعادة التقسيم الترابي، وإعادة توزيع الصلاحيات والسلطات التدبيرية، بل يذهب أبعد من ذلك إلى مستوى أكثر عمقا لديه ارتباط بكينونة وهوية الدولة المغربية " . وقال إن الاشتراك في المبادئ العليا السامية من ديمقراطية ومواطنة ودولة المؤسسات وغيرها من القيم التي تشكل جوهر النموذج الليبرالي، لا يلغي البعد الحضاري في بناء الدولة، مشيرا إلى أن إلحاح صاحب الجلالة الملك محمد السادس على إبداع نموذج مغربي للجهوية " يجد عمقه في تحديث الدولة والرقي بتجربتها الديمقراطية في تناغم تام مع عمق حضاري يؤكد اللحمة بين ماضي الدولة وحاضرها، ويجذر الارتباط بين المواطن وبين تاريخه ". وأضاف أن مشروع الجهوية سيتوج المسار التنموي الذي ولجه المغرب بفضل الدينامية الاقتصادية التنموية الشاملة في كافة ربوع المملكة وسيعطي للتوازن بين الجهات بعدا جديدا مشيرا إلى أن هذا المسار التنموي سيؤهل البلاد لتحقيق طفرة على المستوى الاقتصادي لن تقل عن نقطتين إضافيتين في نسبة نمو الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة ستوفر هامشا أقوى لتطوير السياسات الاجتماعية ومحاربة الفقر وتقليص الهشاشة. ومن جهته أعرب السيد محمد ساجد رئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء عن ارتياحه لمستوى النقاش الدائر حول مشروع الجهوية مؤكدا أن النخبة السياسية في حزبي الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار معنية بالمساهمة في خلق أجواء التعبئة والتعريف والنقاش حول هذا الموضوع التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس . ودعا السيد ساجد باسم حزب الاتحاد الدستوري إلى وضع إستراتيجية مشتركة لضمان التطبيق الجيد للجهوية وإعداد الكفاءات والأطر لتحقيق ذلك مشيرا إلى أن حزبه دعا دائما إلى أن تكون الجهوية خيارا استراتيجيا تصاحبه أوراش إصلاحية شاملة وواسعة باعتبار الجهوية مشروعا انسانيا يرتبط نجاحه بانتاج موارد بشرية مؤهلة وعقلية جديدة تقوم على الحرية والمسؤولة. وأبرز السيد ساجد أن الجهوية مشروع ديمقراطي تنموي والإطار الأمثل لترسيخ السلوك الديمقراطي وتحفيز الإبداع من أجل ابتكار سبل جديدة للتطور التنموي مشيرا إلى أن حزب الاتحاد الدستوري يرى أن تقوم الجهوية المتقدمة على نظام ملكي دستوري وعلى حكومة قوية وهيئات منتخبة جهوية ، تنفيذية وتداولية، وعلى إدارة جهوية قوية واستقلال مالي. وفي كلمة بالمناسبة، أشار رئيس مجلس جهة الدارالبيضاء الكبرى ، السيد محمد شفيق بنكيران ، إلى أن المغرب مقبل على تطوير نوعي لمؤسساته الديمقراطية يجعل كل مستويات التدبير السياسي والمحلي والجهوي والوطني ضمن تفاعل جديد غير مسبوق . ودعا السيد محمد شفيق بنكيران الأحزاب السياسية إلى اعادة النظر في أساليب ومناهج عملها بناءا على المستجدات السياسية التي تحملها الجهوية الموسعة مشيرا إلى أن دور النخبة السياسية في المرحلة الراهنة في مجال بلورة مشروع الجهوية، يتجلى في المواكبة والتأطير والتنشيط والتفعيل. وقد استمع الحاضرون إلى عروض قدمها أعضاء بحزب التجمع الوطني للأحرار حول قطاعات التعليم والتجهيزات الأساسية والتنمية الاجتماعية.