بقلم محمد الخمولي يعد شهر رمضان الأبرك، مناسبة هامة تبرز فيه مدينة الجديدة تمسكها الشديد بالتقاليد الرمضانية العريقة وبالروحانيات المتوهجة، التي تلازم مظاهر العيش بالمدينة طيلة هذا الشهر. ويلتف الجديديون حول مائدة الإفطار ليتلذذوا بأشهى المأكولات وأطيبها، التي أعدت خصيصا لهذه المناسبة من "حريرة" و تمور و"مخرقة" و"شباكية" و"بريوات" "وسفوف" و"مسمن" و"ملاوي" و"بغرير" وأطباق السمك المشوي أوالمقلي، والشاي المنسم، وشتى أنواع العصائر. ومباشرة بعد الإفطار يستعد الجديديون لتأدية صلاة العشاء والتراويح، فيهرعون أفواجا إلى المساجد متسابقين، لعلهم يظفرون بموطئ قدم في رحابها. وبمجرد الانتهاء من تأدية شعائر صلاة العشاء، تتجلى المظاهر الاحتفالية الخاصة بهذا الشهر الكريم فتكتظ المقاهي، إذاك، بزبائنها المعتادين على ارتشاف كؤوس الشاي أوالقهوة أوالتسلي بأوراق اللعب أوالدومنو. في حين، يفضل آخرون اصطحاب أفراد أسرهم ليجولوا مختلف أروقة المحلات التجارية لابتياع ما يتوقون إليه لأنفسهم، أو لشراء ملابس العيد لأبنائهم. وهكذا، تعرف أزقة المدينة القديمة حركة تجارية نشيطة تستمر إلى فترة متأخرة من الليل، يجوب خلالها حشد من الناس الأزقة والدروب إما بحثا عن ضالتهم، أو محاولة لإرضاء لذة الشراء عندهم. وهي الأجواء نفسها التي تخيم على شوارع المدينةالجديدة، وقد تراصت على واجهتها، مؤخرا، مجموعة من المحلات التجارية المتخصصة في بيع الملابس الفاخرة ذات الصيت العالمي. وبمناسبة شهر رمضان المبارك، تنبعث كل مساء من فضاءات الحي البرتغالي بالمدينة العتيقة(ما زاكان) ألحان وموسيقى، منتقاة بعناية لتشنف أسماع عشاق اللحن الجميل، والحضرة العيساوية، والرقصة الكناوية، على إيقاع "المزمار"و"القراقب". ومن الأماكن الأخرى التي لا تستثنيها الأجواء الرمضانية من بهجتها، كورنيش الجديدة، الذي يمشي المارون على طول امتداده، كل مساء، ليتملوا بمنظر الشاطئ، وقد سلطت عليه الأضواء الكاشفة حتى تخترق سدول الليل، وتظفي على المكان صورة البهجة والارتياح، لا سيما حينما يرتمي بعض عشاق السباحة بين أحضان الماء. وتستمر الليلة الرمضانية المميزة حتى وقت متأخر، على طول ساحل دكالة الذي يبهر العين بمناظره البانورامية الخلابة المثيرة لفضول الزوار المتدفقين للاستمتاع بالهواء النقي المنعش، ولا سيما على جنبات شاطئ سيدي بوزيد الذي تنظم به خلال هذا الشهر الأبرك سهرات فنية وموسيقية وأنشطة ثقافية مختلفة. وفي ما يتعلق بالنشاط الاستهلاكي، فإنه، وحسب المصالح المعنية ، قد تم تزويد مدينة الجديدة بكل ما يلزم من المواد الغذائية وبالكميات الكافية التي تليق ومستوى الاستهلاك في هذا الشهر الكريم.