أجمع المشاركون في ندوة "الدبلوماسية والثقافة" التي واصلت أشغالها ، اليوم الثلاثاء بأصيلة ، حول محور "الدبلوماسية وتعزيز ثقافة التسامح"، بأن "لا مستقبل للدبلوماسية الثقافية في عالم اليوم ما لم يكن العدل أساسها المحرك". وأوضح المشاركون في هذه الندوة التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي، أن ترسيخ ثقافة التسامح بين شعوب المعمور يقتضي أن يكون لكل منطقة من العالم حقها في التعريف بثقافتها في إطار حوار وتفاعل قائمين على الأخلاق الدولية. وقالت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيدة لطيفة أخرباش في مداخلة بالمناسبة، إن النهوض بتثبيت الاختلاف وثقافة التنوع والتسامح داخليا وعلى المستوى الدولي، لا يمكن أن يتأتى من دون الاحترام المتبادل والانتصار للقضايا العادلة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. من جانبه، دعا الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة السيد محمد بن عيسى، إلى التفريق بين الدول التي تؤسس لتواصل ثقافي حقيقي من خلال المراكز الثقافية التابعة لسفاراتها وتمثيلياتها الدبلوماسية، وبين من يستخدم الثقافة لأغراض دعائية تروم فقط تحسين الصورة الخارجية، كما هو الحال بالنسبة للبلدان التي توجد في حالة حرب وتحتل بلدانا أخرى. أما الأستاذ عبد الهادي التازي (الدبلوماسي السابق) فشدد على ضرورة إعمال الذاكرة التاريخية للدول في مجال علاقاتها بالدول الأخرى، مؤكدا أن "الدبلوماسية تبقى عاطلة مفلسة إذا لم يكن بجانبها ما يشد أزرها من مستندات ثقافية وتراثية". وقدم السيد التازي ، في هذا الإطار ، نبذة حول المدرسة الدبلوماسية المغربية وإسهامها في الشأن الثقافي، مستحضرا نماذج من الاتفاقيات والمعاهدات والرسائل التي دأب ملوك المغرب على عقدها أو/ إرسالها إلى نظرائهم في الدول الأوروبية ، على الخصوص ، قصد إرساء مبادئ إنسانية وحضارية في ما بينها. واستحضر باقي المتدخلين بعضا من تجارب الأعلام المسلمين في مجال التسامح من قبيل الفيلسوف ابن رشد الذي ظل يؤكد أن "من العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي لنفسه"، داعين إلى ضرورة التحلي بالقاعدة الإسلامية في مجال التواصل مع الآخر، والقائمة على الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن. وطالبوا، من جهة أخرى، برفع تحدي التنمية بالبلدان الفقيرة، وأكدوا ، في هذا السياق ، على الحاجة الملحة لمواجهة قضايا الأمن الغذائي ومكافحة الفقر وتطوير التعليم والحد من البطالة، داعين في الوقت ذاته إلى دعم الهياكل التي تعزز ثقافة السلام وإرساء المواطنة القائمة على أساس حفظ حقوق الإنسان. وتتواصل فعاليات الموسم الثقافي الدولي لأصيلة، الذي تنظمه مؤسسة منتدى أصيلة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى غاية 26 يوليوز الجاري، بتنظيم عدد من الندوات والموائد المستديرة، فضلا عدد من الأنشطة الفنية والأدبية.