حداثيا ومتضامنا كنهج للبناء المجتمعي وللتنمية، يجعل من الإنسان محورا للعملية التنموية ومنتهاها. وأوضح السيد أغماني، خلال مداخلته في الدورة 99 لمؤتمر منظمة العمل الدولية، أن المغرب عرف في هذا الإطار، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، إلى جانب تعزيز وتوسيع مجالات الحريات السياسية والنقابية، تسريعا في وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع اعتماد سياسات اجتماعية عمومية إرادية لمحاربة عوامل الهشاشة والإقصاء الاجتماعي. واستحضر الوزير، من ضمن أبرز هذه البرامج الإرادية، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تم إطلاقها سنة 2005 ، والتي مكنت مشاريعها، المنجزة وفق مقاربة تشاركية، أكثر من 6ر4 ملايين من المواطنين من الاستفادة من مشاريع في مجالات الأنشطة المدرة للدخل وتحسين مستويات الولوج للتربية والتكوين والخدمات الصحية والنهوض بأوضاع إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة. وذكر السيد أغماني، في هذا السياق، بالاستراتيجيات التي تم وضعها للرفع من مستوى النمو وإحداث مناصب شغل جديدة، مستحضرا على الخصوص الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي والذي يستهدف إحداث أكثر من 220 ألف فرصة شغل في أفق سنة 2015، إلى جانب مخططات أخرى مماثلة لتنمية قطاعات الفلاحة والصيد البحري والسياحة ولتحديث بنية التجهيزات التحتية، فضلا عن الشروع مطلع هذه السنة في تنفيذ استراتيجية طموحة لإنتاج الطاقات المتجددة النظيفة بالاعتماد على الطاقة الشمسية. وأوضح أن هذه الدينامية، التي عرفها المغرب خلال 12 سنة الماضية، والتي واكبها إطلاق مخططات استعجالية في مجالي التربية والتكوين المهني والرفع من أداء البرامج الإرادية لإنعاش التشغيل، مكنت من تسجيل تراجع في معدل البطالة الوطني الذي انخفض من 6ر13 في المائة سنة 2000 إلى 1ر9 في المائة سنة 2009، ومن تراجع معدل الفقر من 2ر16 في المائة سنة 1998 إلى 9 في المائة سنة 2007 . وأضاف الوزير أنه إلى جانب المكتسبات المحققة في مجال الحوار الاجتماعي الثلاثي لإقرار العمل اللائق، تم إعمال عدة إصلاحات، منها إصدار مدونة عصرية للشغل، ووضع نظام للتغطية الصحية الإجبارية، وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال بوضع عدة آليات لدعم المقاولة. وبعد أن استعرض الإجراءات التي انتهت إليها جولات الحوار الاجتماعي الثلاثي (2008-2009 ) أكد أن الجهود ستنصب هذه السنة على إحداث نظام للتعويض عن فقدان الشغل، وإصلاح أنظمة التقاعد، وتحسين مستوى نظام التغطية الصحية وأوضاع رجال ونساء قطاعي الصحة والتعليم العاملين بالمناطق الصعبة الولوج، وإصلاح منظومة الأجور بالوظيفة العمومية، ووضع قانون إطار لتعزيز الصحة والسلامة المهنية في الشغل. وذكر السيد أغماني بإقرار قانون يقضي بإحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي روعي في تكوينه، كمؤسسة دستورية، التركيبة الثلاثية، وبإجراء انتخابات تجديد مندوبي العمال بالمقاولات وبالمؤسسات المنتخبة خلال شهر ماي 2009 ، وذلك بهدف الرقي بالعلاقات المهنية وتطويرها من علاقات فردية إلى علاقات جماعية مبنية على الحوار والمسؤولية المشتركة. وعلى صعيد آخر، أكد الوزير أن المملكة المغربية لم تفتأ، منذ انضمامها إلى منظمة العمل الدولية، تتفاعل إيجابيا وبقناعة مع ما يتم إقراره من اتفاقيات وخطط عمل، موضحا أنها انخرطت في التصريح العالمي للحقوق الأساسية للأجراء منذ إقراره سنة 1998، و صادقت على 50 اتفاقية إلى جانب إقرارها مؤخرا لخمس اتفاقيات أخرى. ومن جهة أخرى، أعلن السيد أغماني أن المغرب سيتفاعل إيجابيا مع الآلية الجديدة المقترحة من قبل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية بهدف ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لخدم البيوت، مضيفا أن المملكة منخرطة في تفعيل خارطة الطريق التي أقرتها الندوة الدولية للقضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال المنعقدة بلاهاي يومي 10 و 11 ماي 2010. وذكر في هذا الصدد بالجهود المبذولة من طرف المغرب منذ التصديق على الاتفاقية رقم 138 حول القضاء على ظاهرة تشغيل الأطفال لمراجعة التشريع الوطني في هذا الباب، ووضع برامج وفق مقاربة تشاركية مندمجة. وأشار إلى أن هذه الجهود أعطت ثمارها كما أكدت ذلك نتائج معطيات البحث الذي نشرته مؤخرا المندوبية السامية للتخطيط. وقال إن هذا البحث سجل تراجعا ملموسا لظاهرة تشغيل الأطفال في المغرب من 517 ألف طفل سنة 1999 إلى 170 ألف طفل سنة 2009 ، أي بنسبة 4ر3 في المائة من مجموع الأطفال البالغين ما بين 7 و 15 سنة. ويشارك في الدورة 99 لمؤتمر منظمة العمل الدولية، التي تنعقد من 2 إلى 18 يونيو الجاري، وفد ثلاثي يتكون من ممثلي وزارات التشغيل والتكوين المهني والإدارات الوصية (الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وإدارة صناديق العمل) والمركزيات النقابية (الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب) وممثلين عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب وغرف التجارة والصناعة.