(من مبعوث الوكالة نورالدين الزويني) - يشكل موضوع "سفر الروح .. من السر إلى الكشف"، باعتباره نوعا من البحث عن الذات والآخر والأشكال المتعددة والاستثناءات في الطبيعة وحياة الناس وعلاقات هؤلاء بالأرض والسماء وبالفضاء والزمن، محور "لقاءات فاس" التي بدات اليوم السبت في إطار الدورة 16 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة. وتركز هذه اللقاءات بالخصوص على الدور المعرفي والتلقيني الذي اضطلع به السفر في تاريخ الإنسان وفي تشكيل معتقداته ومشاعره، سواء كان سفرا حقيقيا أو خياليا، ماديا أو مجازيا، زمنيا أو دينيا، حرا أو اضطراريا، وذلك من خلال بحث خمسة مواضيع رئيسية هي "السفر الداخلي"، و"السفر عبر الكتب المقدسة"، و"الحج"، و"الهجرة"، و"السفر الأسطوري". وفي إطار هذه اللقاءات احتضن متحف البطحاء بفاس اليوم اللقاء الأول والذي خصص لموضوع "السفر الداخلي"، حيث ناقش المشاركون فيه السفر الذي يخوضه الناس بوعي أو بدونه بحثا عن ذواتهم، وعما يفرقهم أو يجمعهم، وما يؤثر فيهم ويتجاوزهم ويتجاوز قدراتهم على الفهم، أو ما هو أكبر منهم. كما بحثوا خلال هذا اللقاء "السفر الذي يقوم به الإنسان عندما يرتقي بنفسه فوق ذاته عبر الإيمان والفن، أو بالتوالي المتواصل للأفكار والأعمال الصغيرة والكبيرة التي تخللت المسيرة الإنسانية عبر العصور". وشارك في هذا اللقاء نخبة من المفكرين والفلاسفة والمختصين في التراث الإنساني من دول مختلفة، ويتعلق الأمر بالفيلسوف الإيطالي جورجي جيورجيو الذي ألقى مداخلة بعنوان "ما هو السر" تحدث فيها عن السفر في علاقته بالغرائبي والمقدس، والخبيرة النفسية الفرنسية المهتمة بالأساطير والتي ألقت عرضا بعنوان "على طرائق الكشف"، تطرقت فيه إلى ضيق المساحة التي تشغلها الحياة الروحية والمقدس في الحياة العصرية، وميكايل باري الخبير لدى مؤسسة الأغا خان، والمختص في الآداب القديمة والحديثة في إيران وأفغانستان والذي تحدث في موضوع "البحث عن الغرب" في مؤلف "ألف ليلة وليلة". كما شارك في هذا اللقاء الفرنسي داني روبير دوفور أستاذ الفلسفة بجامعة باريس والأستاذ في الأكاديمية الدولية للفلسفة بمداخلة تحت عنوان "التجربة الداخلية" باعتبارها سفرا للبحث عن الذات في مسعى لبلوغ الكمال النفسي والروحي، والخبير التونسي عبد الوهاب المؤدب الذي تطرق إلى موضوع "السر والعلنية" عند أحد مشاهير الصوفية الكبار هو منصور الحلاج ( 858- 922 م) موافق ( 244-309ه). وستتواصل هذه اللقاءات إلى غاية تاسع يونيو الجاري ببحث سفر الإنسان في الكتب المقدسة التي عكف منذ قرون على تفسيرها وتأويلها، وسفر الحج الذي هو فريضة على المؤمن في الإسلام، وعمل يدل على الإيمان في المسيحية واليهودية وفي ديانات أخرى غير توحيدية. كما ستبحث جلسات هذه اللقاءات سفر العودة إلى أماكن الطفولة وماضي الإنسان، أو نحو أماكن رمزية لشعب أو أمة أو للإنسانية جمعاء، وأيضا موضوع سفر المنفى الذي هو في الغالب سفر تحت الإكراه، وبدون عودة في بعض الأحيان.