دعا السيد اسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم الجمعة ببوزنيقة، إلى توافق أهم الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد ضمن "تعاقد سياسي جديد". وأكد السيد العلوي، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الثامن للحزب الذي ينعقد على مدى ثلاثة أيام تحت شعار "جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية"، أن ذلك يأتي باعتبار أن ضرورة تطوير مرحلة الانتقال الديمقراطي، كمرحلة متقدمة من المسلسل الديموقراطي، بولوج مرحلة الممارسة السياسية الديمقراطية العادية والسوية، تستلزم تأكيد النهج الديمقراطي الحداثي، بأهداف وطنية واضحة، ومرام سياسية واجتماعية دقيقة، متوافق حولها. واعتبر أن المضامين الأساسية للتعاقد السياسي، الذي يقترحه الحزب على مكونات وفعاليات الأمة عامة، وكل قوى الديمقراطية والحداثية خاصة، يمكن أن "تشكل عناصر لاخيارات كبرى وأهدافا متوافقا حولها". وأوضح السيد العلوي أنه ينبغي أن لا يتم التعامل مع التعاقد السياسي الجديد بشكل ميكانيكي، وإنما مقاربته بدلالاته السوسيولوجية والفلسفية والسياسية، التي تعني توافق أهم مكونات الأمة على الاختيارات الكبرى، والثوابت الأساسية، وآليات التصريف الديمقراطي الحداثي للعملية السياسية. وذكر السيد العلوي، في هذا السياق، بمضامين مشروع الوثيقة السياسية، المعروضة على المؤتمر، والمؤكدة أن هذا التعاقد يعني "بلورة توافقات متينة على الاختيارات الديمقراطية الاستراتيجية للوطن، وعلى الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وأبرز أن المضامين الأساسية لهذا التعاقد تتمثل في جيل جديد من الإصلاحات الكفيلة بأن تضمن مضي المغرب قدما نحو مجتمع الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية. ومن بين أهم تلك الإصلاحات - يقول السيد العلوي- إصلاح سياسي يوسع ويحصن فضاء الحريات العامة الجماعية والفردية، مع صيانة حرمة الأشخاص وكرامتهم، وتطوير مفهوم حقوق الإنسان وحق النساء في المساواة، وضمان حقوق الطفل، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ويرسي قواعد نظام تمثيلي أكثر مصداقية ونجاعة. كما تتمثل هذه الإصلاحات في تقوية الاقتصاد الوطني وضمان إقلاعه وتوفير شروط تطوره، مع ترسيخ ما تم إنجازه، والاستمرار في إنجاز أوراش أخرى أكبر، ومجابهة الآثار المحتملة للأزمة العالمية، بتقوية السوق الداخلية. واعتبر السيد العلوي أنه ينبغي الانتقال إلى إرساء توازنات اجتماعية حقيقية، وتقليص الفوارق الطبقية والمجالية، وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين والمواطنات وتعميم الحماية الاجتماعية والصحية. كما دعا إلى بلورة ميثاق اجتماعي واقتصادي متوافق عليه، ومأسسة الحوار الاجتماعي، والإقرار بالتنوع الثقافي والتعدد اللغوي، مع تعميق تشبع المواطنات والمواطنين بثقافتهم وهويتهم، وبناء مجتمع العلم والمعرفة. وشدد على ضرورة إيجاد توافق حول ضوابط الممارسة الإعلامية، وتأطيرها تأطيرا ذاتيا على أساس أن الحرية مسؤولية تقتضي الالتزام بالأخلاقيات واحترام الآخر وحياته الخاصة. وأشار إلى أنه تمت صياغة شعار المؤتمر الداعي لإطلاق "جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديموقراطية"، انطلاقا من الاقتناع بأن إنجاز هذا الجيل الجديد من الإصلاحات تمليه ضرورة تكريس المكتسبات الإيجابية وتجاوز إخفاقات المرحلة السابقة، وضرورة تهيئة متطلبات الانتقال إلى سرعة أعلى في عملية بناء مجتمع ديموقراطي حداثي. وبعدما أكد أن هذه المضامين الأساسية لهذه الإصلاحات تتقاطع مع أفكار وطروحات عدد من القوى الحية بالمغرب، اعتبر أنه حان الوقت لتلتقي كل القوى المعنية من أجل مناقشة هذه المقترحات، بشكل مستفيض وصريح، "في أفق التوصل إلى توافق يؤسس لمرحلة جديدة، مرحلة إنجاز جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديموقراطية". وفي ما يتعلق بالتحالفات، أكد الأمين العالم لحزب التقدم والاشتراكية أن الحزب مدعو إلى العمل مع حلفائه الذين يتقاسم معهم أهداف وطموح بناء مجتمع حداثي، عادل ومتضامن، مشيرا إلى أن الحزب حريص على التعامل مع مسألة التحالفات وفق مقاربة ديناميكية، تقوم على تحليل موضوعي للواقع ومستجدات الساحة السياسية، وتنطلق من اقتناع راسخ بضرورة العمل الوحدوي المشترك، على مستويات متعددة، مع سائر القوى الحية في المجتمع، التي تشاطره المضامين العامة للمشروع المجتمعي الذي يناضل من أجله. وفي هذا الإطار، قال إن "التحالف الطبيعي للحزب يظل متجها، بالأساس، نحو مكونات الكتلة الديموقراطية، ومختلف فصائل اليسار، مع الانفتاح على كل الديموقراطيين، وفقا لما تقتضيه مستلزمات توطيد المسار الاصلاحي بالمغرب في أفق بناء المجتمع الديموقراطي الحداثي المنشود". وأشار إلى أن المرحلة تقتضي إنعاش الكتلة الديموقراطية، التي لا يزال في جعبتها ما تقدمه من خدمات جليلة للوطن والشعب، والسعي إلى انفتاحها على قوى ديموقراطية وتقدمية أخرى، داعيا إلى تشكيل تكتل يساري قوي وموحد يضم كل الفصائل اليسارية، الراغبة فعلا في العمل المشترك.