كتبت مجلة "الأهرام الأسبوعي" في عددها الحالي أن المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري مثل علامة مركزية في الجيل الثالث من أجيال فكر النهضة العربية الحديثة بعد كل من طه حسين، وعبد الرحمن بدوي، وزكي نجيب محمود، وأنطوان سعادة، ورفيق الخوري، وفؤاد زكرياء ومحمود أمين العالم. وأبرزت المجلة أن الجابري أتى بعد هؤلاء لينال اهتماما كبيرا بعد صدور مشروعه الفكري الكبير الذي أثرى المكتبة العربية بكتب ومؤلفات ذات قيمة معرفية متميزة. وأوضحت أن الراحل كان في كتاباته متفردا ومتميزا في فكره بحيث لم يكن مقروءا فقط بل كان شديد المنهجية وشديد السلاسة أيضا لذلك سرعان ما انتشرت أفكاره. وأشارت إلى أن كتابات الجابري رغم أنها كانت محل نقد كبير إلا أنها "أخذت بيد كل من يريد العبور إلى التأملات الفكرية والمساحات الأرحب من الانفتاح والتحرر الفكري دون التنازل عن الهوية الإسلامية"، مضيفة أن انتشار المعرفة بالنسبة للجابري كان شيئا مهما بغض النظر عن الاختلاف. كان أحد أهداف الجابري، تتابع "الأهرام الاسبوعي" خلع عباءة القداسة عن الثرات وجعله مفهوما وحيا بين الناس والحفاظ عليه في نفس الوقت ضد محاولات التهميش (.... ) كانت عيوب المجتمع والتي لا تزال منتشرة حتى اليوم هي التلقين الأعمى للمعرفة لذلك طالما شدد الجابري على هذه القضية والتي كان الغرض منها طرح ما يراد قراءته فقط والايحاء بما يراد فهمه". وذكرت المجلة بأن الكتابة، من وجهة نظر الجابري، كانت مسألة قابلة للخطأ والصواب مثلها مثل أي سلوك آخر، لأنها عملية معرفية ومستمرة "وإذا مورس التخويف الدائم من الوقوع في الخطأ فلن يكون ذلك سوى دعوة للإصابة بالشلل والجمود الفكري وترك الساحة خالية أمام من يرون أنفسهم على صواب دائما". واعتبرت أن القارئ لأعمال الجابري يستشعر فور الانتهاء من قراءة إحدى دراساته أن عقله امتلأ بالنقد والتحليل والأخذ والرد مما يتيح له فرصة أكبر لإعادة التفكير والتأمل ، فضلا عن أن هذه الأعمال "تبث فينا أحلام الجابري وطموحاته ورغبته في أن يتراجع العقل العربي عن استقالته". وخلصت "الأهرام الاسبوعي" إلى أنه "من الواضح أنه برغم كل إنجازاته هذه، فإن قلب الجابري أصابه الوهن من جراء خيبات الأمل المتكررة فقرر أن يرحل تاركا أعمالا تحاول إفاقة العقل العربي من الأوهام لينتصر على الجهل والتخلف".