طل مسلسل «حديدان» لمخرجته فاطمة بوبكدي للتأكيد أن الإنتاج الوطني على قلته وقلة جودته أحيانا يبقى أقرب طريق لشد المشاهد إلى تلفزته. كل أرقام ماروك ميتري المعلنة تزكي هذه الحقيقة وتقويها، إذ أصبح من ثوابتها أن ترى أفلاما تلفزية مغربية يعاد ويعاد بثها على القناتين تنتزع مكانتها في سباق طوب طين. ثلاث حلقات بثت من مسلسل «حديدان» حققت نسب مشاهدة عالية، وليس في أي فترة، بل في فترة يحتد فيها التنافس بين القنوات لاستقطاب أكبر نسبة من المشاهدين ومن خلالها النصيب الأوفر من حلوى الإعلانات وهي فترة «برايم تايم» أي الذورة... الحلقة الأولى التي بثت مطلع أبريل الجاري، حققت نسبة مشاهدة وصلت 47% في حين بلغ المعدل المتوسط 18,2% بما يعني أن عدد من شاهدوا الحلقة بلغ أربعة ملايين ونصف مشاهد. الحلقة الثانية التي بثت الخميس 7 أبريل حققت المعدل المتوسط للمشاهدة فاق الحلقة الأولى ووصل إلى نسبة 21,5% بما يعني أن عدد من شاهدوا الحلقة بالكامل بلغ 5,5 مليون مشاهد ومن مختلف الفئات. الحلقة الثالثة حققت في المعدل المتوسط 19,5% ممن شاهدوا الحلقة من أولها إلى آخرها، في حين بلغت نسبة المشاهدة 49% . كل هذه الأرقام تقدم الدليل مرة أخرى أن العمل الوطني يحقق الإقبال إذا توافرت فيه الشروط من سيناريو محبوك بشكل جيد، إدارة للمثلين ومخرجة من طينة فاطمة بوبكدي باتت تملك إحساسا وخبرة قويين في مجال الأعمال التي تحفر في التراثين الشفوي والشعبي. فليس ثمة وصفة خارقة المهم أن يحس المشاهد أن العمل قريب منه بيد أن الإقبال على هذا المسلسل لفت الانتباه إلى ما سجلته أعمال تراثية سابقة ك «عيشة الدويبة» و«رمانة برطال» من إقبال كشفت عنه نسب مشاهدتها كما أعلنتها ماروك ميتري. الفيلم التلفزي «عيشة دويبة» شاهده ثلاثة ملايين و 558 ألف مشاهد، حينما بثته القناة الثانية لأول مرة وفي فترة الذروة بتاريخ 14 نونبر 2008. لكن إعادة بثه الأربعاء 17 مارس من العام الجاري حقق فيها نسبة مشاهدة فاقت النسبة الأولى، وارتفع عدد المشاهدين إلى 4,057 مليون مشاهد وهو ما يعادل 40,5% كنسبة للمشاهدة. نفس النسب سجلتها حلقتان من «رمانة وبرطال» بثتا في فترة الذورة بتاريخ 7 يناير، و 15 أبريل من العام الماضي شاهداها حوالي 3,017 مليون مشاهد. لم تخف المخرجة فاطمة علي بوبكدي مفاجأتها وهي تتوصل تباعا بأرقام نسب مشاهدة الحلقات الثلاث من مسلسل حديدان. وأوضحت صادقة أنها لم تكن تتوقع مثل هذا الإقبال، ويستحيل عليها أن تقرأ كف عملها وتتنبأ له مسبقا وقبل بثه بالنجاح. ورغم ما راكمته من تجربة وحس فني عال في مجال الأعمال التراثية، فإن فاطمة بوبكدي ينتابها ما ينتاب غيرها من المخرجين، وتعيش حالة ترقب شديد لرد فعل الجمهور وكيف سيكون قبل أن يصل أي عمل جديد إلى صاحب الحكم الأخير وهو الجمهور. وأشارت مخرجة «رمانة وبرطال» في معرض جوابها على أسباب نجاح مسلسل «حديدان» في جدب الجمهور إليه، أنه يصعب عليها من موقعها كمخرجة للعمل ومتواجدة في قلبه، أن تصدر حكما أوتقييما موضوعيا، وأن على عاتق الآخرين من متتبعين ونقاد من يقع هذا الفعل. فدورها انتهى بوصول المنتوج إلى المشاهد.إذا كانت مخرجة «عيشة دويبة» اعتبرت إقبال المشاهد على مسلسل «حديدان» وتفاعله الايجابي معه مفاجئا لها، فإن حجم هذه المفاجأة لم يكن كبيرا حسب وصفها، إذ لمست من خلال أعمالها التراثية التلفزية السابقة، أن هذا النوع بات له جمهوره الواسع. لكن سرا وجدانيا وروحيا تفسره به المخرجة هذا النجاح بقولها «إن العمل نابع من القلب وما يخرج من القلب يصل مباشرة إلى قلوب الآخرين». وما فتئت بوبكدي تؤكد في حوارتها الصحفية أن حبها الكبير للمحكي التراثي هو سبب تمسكها المستمر به.