صادقت وزارة الصحة التركية، قبل أيام، على قانون جديد يسمح بسجن النساء التركيات اللاتي يسافرن إلى الخارج ويحملن من خلال حيوانات منوية، أو بويضات، يحصلن عليها من بنوك التبرع بالخارج في ما يُعرف بالحمل الاصطناعي. وقالت الحكومة التركية إنها ترغب بوقف استخدام مواطنيها للحيوانات المنوية والبويضات التي يتم الحصول عليها من متبرعين أجانب، وذلك كوسيلة لعلاج مشاكل العقم. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الصحة التركية، عرفان سنكان، إن القانون الجديد مشمول بالمادة رقم 231 من قانون العقوبات، والذي يعتبر قضية إخفاء أبوَّة الطفل جريمة يُحاسب عليها مرتكبها. ويسري القانون الجديد، أيضا، على المتبرعين والأطباء الذين يوصون باللجوء لمثل تلك البنوك في الخارج للحصول على النطاف والبويضات. يُشار إلى أن التلقيح الاصطناعي يُعتبر أصلا ممارسة غير مشروعة في تركيا، وإن كانت النساء قادرات قبل صدور التشريع الجديد على السفر إلى الخارج سعيا وراء الحصول على نطاف من متبرعين. ويقول أطباء ومحامون أتراك إنهم يحاولون أن يجدوا الكيفية التي تخطط وفقها الحكومة لتطبيق القانون الجديد. وقد بات يتعيَّن على الأطباء، الذين يقدمون العلاج لمن يعانون من مشاكل خصوبة، أن يوضحوا بجلاء في إعلاناتهم طبيعة العلاج الذي يوفرونه لمرضاهم. وتعليقا على القانون الجديد، قال الدكتور بولنت تيراس، نائب رئيس الجمعية التركية لأمراض النساء والتوليد، إنه "ينضوي على عنصرية واضحة". وأشار إلى أن كلا من الاتحاد والبرلمان الأوروبيين نظَّما، عام 2004، مجال التلقيح بمساعدة طبية، وبدعم من بنوك الحيوانات المنوية والمتبرعين. من جهتها، قالت بينار إلكاراكان، وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة في تركيا "لقد قامت الحكومة بتمرير هذا القانون بدون أي مناقشة له في البرلمان." أمَّا إسماعيل ميتيه إيتيل، رئيس الجمعية التركية لأطباء التوليد وأمراض النساء، فقد اعتبر القانون الجديد "خطوة كبيرة إلى الوراء". وأضاف بقوله "كان يجب إعادة النظر بالقانون، بشكل عام، لكي تُؤخذ بالحسبان الخيارات الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا للنساء. لكنهم فعلوا العكس، ولم يفكروا بالمضاعفات التي سيتركها القانون الجديد." وأشار إيتيل إلى أن عدد التركيات اللواتي يذهبن إلى الخارج، كل عام، طلبا للحيوانات المنوية قليل، إذ لا يتجاوز العدد 100 امرأة. لكنه قال إنه يخشى من مضاعفات القانون الجديد على نواحٍ وشرائح أخرى في البلاد، كالأزواج ذوي الأعراق المختلطة. كما تناولت صحيفة "أقسام" التركية القضية المثيرة للجدل على موقعها الإلكتروني في مقالة بعنوان "السجن ثلاثة أعوام لمن ينجب أطفالا من بنوك الحيوانات المنوية الأجنبية". وأشارت الصحيفة إلى أن القانون الجديد يسعى لحماية "العرق التركي". يُشار إلى أنَّ أنشطة كثيرة في تركيا يمكن أن تقود من يمارسها إلى المحاكم، أو حتى تُدخله السجن. فإهانة "العرق التركي" والمشاركة بالمظاهرات وإظهار أدنى درجة من التأييد أو التعاطف مع حزب العمال الكردستاني المحظور ليست إلا أمثلة على مثل تلك الأنشطة. وقد أُضيف استخدام نطاف أو بيوض المتبرعين أو المتبرعات إلى قائمة تلك الأنشطة والممارسات التي يترتب عليها المثول أمام القضاء، أو دخول السجن. وينصُّ القانون الجديد على أنه يتعيَّن إحالة أي عيادات أو أطباء أو مرضى يستخدمون أو يشجعون استخدام بنوك الحيوانات المنوية في الخارج إلى الادعاء العام، حيث قد يواجهون تهما جنائية محتملة. ويتعيَّن، أيضا، إغلاق العيادات المخالفة لمدة ثلاثة أشهر في حال ارتكاب المخالفة للمرة الأولى. أما في حال تكرارها، فيتم الإغلاق بشكل دائم. وكانت قضية التلقيح الاصطناعي في تركيا قد أُثيرت، العام الماضي، عندما أعلنت الممثلة التركية المشهورة، جونير أوزكول، أنها استخدمت الحيوانات المنوية من متبرع دنماركي لتحمل بطفلتها، والتي تبلغ، الآن، من العمر خمسة أعوام. ويرى المراقبون أن القانون الجديد يعكس سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي يسعى بقوة إلى ترويج القيم العائلية والإسلامية في البلاد.