انتهى الجدل داخل مجلس النواب بالمصادقة مساء الاثنين الماضي بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بمدونة السير على الطرق، لينتقل الجدل إلى الغرفة الثانية. وبينما يعتبر المهنيون المصادقة على القانون في صيغته الحالية غير مستجيب للحد الأدنى من مطالبهم، يسعى هؤلاء لنقل المطالب الأخرى الخاصة بالتخفيض من قيمة الغرامات إلى مجلس المستشارين الذي وضعوا لديه طلبا للقاء أعضائه وينتظرون الرد عليه... وبينما تحقق المطلب الأول المتعلق بالعقوبات السالبة للحرية من مشروع المدونة، سيحاول المهنيون الضغط عبر مجلس المستشارين للتخفيض من الغرامات لجعلها متوافقة مع الحد الأدنى للأجور على حد قولهم. وتناغم هذا المطلب مع تصريحات للنائب عبد الله بوانو من حزب العدالة والتنمية الذي قال عقب المصادقة على المشروع إن الحوار مع مهنيي القطاع والنقاشات على مستوى لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية بمجلس النواب مكنت من تجاوز عدد من نقط الخلاف التي كان يتضمنها المشروع. وأعرب في نفس الوقت عن أسفه لرفض الحكومة الاستجابة ل «40 تعديلا تقدم بها فريقه والتي تهم بالأساس مستوى الغرامات الذي يبقى مرتفعا مقارنة مع مستوى الدخل (1800 درهم) وتراكم العقوبات على مخالفة واحدة (خصم النقط، سحب الرخصة، غرامة، .....) والسياقة تحت تأثير الكحول». وقد وافقت الحكومة على 287 تعديلا، كان أهمها تعديل يتم بموجبه سحب العقوبات السالبة للحرية من مشروع قانون مدونة السير على الطرق، والتي شكلت نقطة خلاف كبيرة في السابق بين المعارضة والحكومة، حيث تم التوافق على الإبقاء على العقوبات الجاري بها العمل في القانون الجنائي. ويقوم هذا المشروع على عدد من المبادئ تتمثل في حماية أرواح مستعملي الطريق وسلامتهم الجسدية وممتلكاتهم بمحاربة العنف والانحراف الطرقي وحماية حقوق مستعملي الطريق بسن ضوابط شفافة لعلاقة أجهزة المراقبة بالسائق وتأهيل القطاعات والنهوض بالمهن المرتبطة بالسلامة الطرقية اعتبارا لتصدر العنصر البشري والحالة الميكانيكية للعربات الأسباب المؤدية إلى حوادث السير ووضع نص بمقتضيات قانونية موضوعية قابلة للتنفيذ. ومن أهم المستجدات التي جاء بها المشروع إضفاء المهنية على مؤسسات تعليم السياقة وتنظيم وتقنين الفحص التقني للعربات، وتوزيع المسؤولية بصفة عادلة على السائق وصاحب العربة والشاحن والآمر بالنقل، وتشديد العقوبات الزجرية، وتقنين دقيق لمسطرة المراقبة يقلص ما أمكن من السلطة التقديرية لأعوان المراقبة والإدارة بصفة عامة واحتفاظ السائق المخالف بحقه في السياقة، وتسهيل كيفية أداء الغرامات. وكان وزير النقل والتجهيز كريم غلاب قد أكد خلال تقديمه للمشروع على أن مدونة السير على الطرق تدخل في إطار الخطة المندمجة الاستعجالية للسلامة الطرقية الأولى حيث تبين، حسب الوزير، وجوب إحداث قانون جديد إثر الوقوف على محدودية الوسائل القانونية الشفافة للمراقبة على الطرقات وتنامي ظاهرة التهور والاستهتار بالقانون والمراقبة نظرا للشعور باللاعقاب لدى السائقين الذي يخالفون القانون. وقال إن هذا المشروع يرمي إلى تحديث الترسانة القانونية بما يتماشى ومستجدات العصر وكذا تمكين الأجهزة المسؤولة من وسائل شفافة لحث السائقين ومستعملي الطريق على احترام القانون وتجنب السلوكات الخطيرة المؤدية إلى حوادث السير. وبذلك, تكون مدونة السير على الطرق قد قطعت مرحلتها الأولى من مسارها التشريعي في انتظار عرضها أمام مجلس المستشارين بعدما استغرفت مناقشتها أمام مجلس النواب سنتين وذلك بعد خلاف بين الحكومة ومهنيي وشغيلة قطاع النقل الطرقي حول عدد من مقتضياتها.