دعا الشيخ سلمان العودة المسلمين إلى البكاء في ليلة القدر على الفجوة التقنية بينهم وبين الغرب، التي وصفها "بالتقنية المفقودة"، مستنكرا قبول انتقال مقدرات الحضارة والتقدم من الغرب إلى الصين وقفزها دون أن تصل إلى العرب. وعلق العودة –في الحلقة 26 من برنامج "حجر الزاوية" الذي يعرض على MBC- على احتمال أن تكون ليلة الأحد (26 من رمضان) هي ليلة القدر– بقوله: على المسلمين أن يبكوا على التقنية المفقودة، وأردف قائلا "أنا لا أقصد البكاء مجرد الدموع، ولكن أقصد الحرقة الداخلية، المتصلة بإيماننا بالله الذي خلق الإنسان وملكه العقل، فليس مصادفة أن تكون الحضارة عند الإنسان الغربي ثم تنتقل إلى الصين، ثم تقفز دون أن تصلنا نحن". ووصف العودة التقدم في عالم التقني بأنه "تنوير تقني" وذلك في إشارة إلى أهمية التقنية، داعيا إلى تعميم هذا المبدأ حتى للكبار، وقال: "بدلا من أن ينظر الآباء والأمهات إلى التقنية كشيء معجز" فإن عليه أن يبدأ بنفسه في هذا التنوير. وقال: "قررت أن آخذ عزلة بعد رمضان لمدة أسبوع كامل لأطلع على الجديد في عالم التقنية التي أحتاجها، منها مثلا ما يتعلق بالهواتف المحمولة". وأكد العودة أن هذا الاتجاه أصر عليه بعد موقف حدث مع أحمد الشقيري مقدم برنامج "خواطر" حينما رأى جواله فسخر منه، وقال له: "ملعوب عليك" ومن يومها فإنه يفكر في اكتساب القدرة على مواكبة الجديد من التقنيات، وأنه يجب أن يلهم نفسه في أن يوسع ويمدد ما يتعلق بالجانب المعرفي. صوت المستضعفين ووصف الشيخ سلمان العودة فيس بوك والمدونات الإلكترونية بأنها "صوت الضعفاء"؛ لأنها جعلت صوت الضعفاء والمهمشين مسموعا في المجتمعات؛ حيث أصبحوا قادرين على تنظيم حملات لكسب تأييد الرأي العام في مختلف القضايا، وذلك لأنهم يجدون المكان الذي يعبرون فيه عن أفكارهم، ويجدون من يسمعهم، ويؤيدهم أيضا. ولكن العودة حذر من خطورة العالم الافتراضي الذي يجعل المراهقين يقضون أوقاتا طويلة أمام شاشات الكمبيوتر، مشيرا إلى أن هناك تقريرا لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تؤكد فيه أن الشباب العربي يقضون 14 ألف ساعة في المدرسة، بينما يقضون 22 ألف ساعة أمام اللابتوب وأجهزة الكمبيوتر. وأشار العودة إلى ما يعرف ب"السكند لايف" -أحد الخدمات التي يعيش خلالها المستخدم في عالم متكامل- ففي هذه الحياة الجديدة يجد المراهق المساجد والمباني وبإمكانه أن يتاجر وأن يرفه عن نفسه بالرياضة والتسوق وإقامة العلاقات والصداقات وكل شيء يحاكى العالم الموجود تماما، وهذا دون شك له تأثير على المراهقين والأطفال؛ حيث يغيب عنهم الفرق بين الخيال والواقع الذي يعيشه. التقنية ليست مقصلة للأخلاق ونفى العودة أن تكون التقنية الجديدة مقصلة للأخلاق مثلما ينظر إليها البعض، مستنكرا حزمة الأفكار السلبية عنها، وقال إن التقنية عنصر محايد في الغالب، وإن استخدامها هو الذي يحدد سلبياتها من إيجابيتها. وحث العودة الدعاة على تعلم جديد التقنيات حتى يقتحم الخطاب الديني الإنترنت بشكل مقبول، وقال: "الدعاة دخلوا عالم الإنترنت، ولكننا مستفيد صغير من هذه التقنية، والمفترض أن يكون التنوير التقني على مستوى أعلى من ذلك، وهذا يتطلب وجود قدر من المبادرة من الفقيه أو العالم". وأشار إلى أن رفض التقنية لم يعد أمرا مجديا، وفكرة القبول المطلق لها لم تعد موجودة، لذلك فإن الصراع بين تأثيرات التقنية الاجتماعية والنفسية من جانب والعادات والقيم والمحكمات الشرعية من جانب آخر، صراع لا يمكن إنكاره، ولكن لا بد من أن يتم ضبطه، مع مراعاة أن هناك قدرا من العادات الحسنة والقيم لا بد من أن نقاتل عليها. وفي الوقت الذي أكد فيه العودة على أن الاستعمار الآن تحول من استعمار عسكري، إلى استعمار تقني، أشار إلى أن المجتمعات لديها قدر من الممانعة والمقاومة لسلبيات التقنيات الجديدة؛ حيث يفيء الناس إلى موروثاتهم وقيمهم، فمنذ وقت قريب كان المتشائمون يتوقعون أن تنهار الأخلاق فور انتشار القنوات الفضائية ولكن هذا لم يحدث، وأصبحت القنوات الآن لها فوائد تثقيفية ودعوية.