قالت مصادر الحزبين الرئيسين في المغرب، الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، إنهما اتفقا على «تنسيق الجهود وتحقيق الإصلاحات السياسية» في أفق الاستحقاقات الانتخابية لصيف 2012. وذكرت المصادر أن اجتماعاً ضم رئيس الوزراء الأمين العام للاستقلال عباس الفاسي وزعيم الاتحاد الاشتراكي وزير العدل السابق عبدالواحد الراضي عرض إلى الأوضاع السياسية في البلاد وتطورات ملف الصحراء وآفاق التنظيم الجهوي المرتقب تنفيذه في البلاد في وقت لاحق. واعتبرت الاجتماع الأول من نوعه منذ ظهور بعض الخلافات بين الحليفين السابقين في المعارضة والمشاركين في الائتلاف الحكومي الراهن، في حين لم يحضر أي من قيادة حزب التقدم والاشتراكية الذي يشاركها تحالفاً سياسياً في إطار «الكتلة الديموقراطية». وكان الراضي طالب بمعاودة تفعيل هذا التكتل وتطوير أساليب عمله، فيما رهنت مصادر حزبية الكلام عن «الإصلاحات السياسية» أنه يطاول معاودة النظر في نظام الاقتراع بالقوائم في الانتخابات المقبلة. واختلف الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في صيف العام الماضي على توقيت ومضمون «إصلاحات دستورية» طالب بها الاتحاد الاشتراكي بينما رأى الاستقلال أن توقيت الطلب «غير ملائم»، ما يُفسّر استبدال مصطلح الإصلاحات الدستورية بمفهوم «الإصلاحات السياسية». ولاحظت المصادر أن اجتماع الحزبين الذي أسفر عن تشكيل لجنة مشتركة لإعداد برنامج عمل، جاء في أعقاب نزوع فاعليات حزبية إلى تحالفات تمهّد لقيام أقطاب سياسية قوية. فقد اتفق التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري على تنسيق جهودهما، على رغم أن أحد الحزبين يشارك في الحكومة فيما الآخر يُعتبر معارضاً. ورجحت المصادر أن يتطور هذا التحالف الى تنسيق أكبر في حال دخول حزب «الأصالة والمعاصرة» على الخط. ولا يزال حزب الحركة الشعبية ذي المرجعية الأمازيغية متوقفاً في منتصف الطريق على حد تعبير أحد قيادييه، وقد يكون بصدد انتظار نتائج انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب الشهر المقبل للانفتاح على هذا الطرف أو ذاك، كون عملية الانتخاب ستؤشر الى مسار التحالفات. ولفت الاتحاد الاشتراكي ذو الميول اليسارية الى أنه على استعداد للحوار مع أي حزب يشاركه قناعات ديموقراطية، في إشارة الى الانفتاح على حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي برز إثر انتخابات بلديات العام الماضي. فيما أن «الأصالة والمعاصرة» يرفض أي حوار مع الحزب الإسلامي الذي يعتبره «مناقضاً لمشروعه». وكان عمدة مدينة فاس حميد شباط رئيس الاتحاد العام للعمال القريب الى حزب الاستقلال فجّر قنبلة سياسية حين أقر حظر بيع الخمور في المدينة الروحية للبلاد. وفيما ذهب بعض الأوساط إلى اعتبار هذا الموقف «غزلاً» في اتجاه «العدالة والتنمية» الإسلامي، رأى آخرون أن حزب الاستقلال يرغب في تقديم نفسه إطاراً ل «استيعاب التيارات الإسلامية» نظراً إلى مرجعيته الدينية والتاريخية. بيد أن الصورة الأقرب لمسار هذه التحالفات لن تتبلور على الارجح سوى قبل أسابيع من موعد استحقاقات 2012.