أكد الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن الوفد المغربي تقدم مجددا خلال الاجتماع غير الرسمي الخامس من المباحثات بشأن الصحراء بتفسير وشرح المقترح الخاص بالحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية في احترام كامل للسيادة المغربية، وكذلك بعدد من الأفكار الملموسة لتسريع وتيرة المفاوضات بهدف التوصل إلى الحل السياسي النهائي المنشود. وأوضح الفاسي الفهري، في لقاء صحافي عقب هذا الاجتماع المنعقد من 21 إلى 23 يناير الجاري بمانهاست (ضاحية نيويورك)، أن هذه الأفكار والمقاربات التي تقدم بها الوفد المغربي تهم مسلسل المفاوضات ولا تهم الحل السياسي، ذلك أن تجربة الأممالمتحدة تبين أنه عندما لا تتوصل الأطراف إلى تقدم ملموس تلجأ إلى مقاربات أخرى في المفاوضات، على الخصوص دراسة بعض النقاط والمجالات لتسهيل وتسريع هذه المفاوضات. وأضاف أن المغرب أكد على أهمية الخطوة التي تقدم بها تجاه الأطراف الأخرى والمتمثلة في مبادرة الحكم الذاتي في نطاق الانفتاح والرؤية المستقبلية والاستراتيجية للمنطقة، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة والمجتمع الدولي يسجلان يوما عن يوم أن المبادرة المغربية جادة وبإمكانها فتح المجال للتوصل إلى حل نهائي دائم وعادل لهذا النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية. وبخصوص الأفكار الجديدة التي تقدم بها المغرب، أكد الوزير المغربي على أهمية مناقشة موضوع الثروات الحقيقية في المنطقة، وتمثيلية المواطنين الصحراويين في الأقاليم الجنوبية في هذه المفاوضات وكذلك ضرورة اعتماد المبعوث الشخصي لأساليب جديدة بدل الاكتفاء فقط بالجولات التفاوضية. وأكد الوفد المغربي أنه من الهام للغاية أن يعرف العالم طبيعة الموارد الطبيعية في الأقاليم الجنوبية وكيف يتم الاستغلال الإيجابي لهذه الثروات لفائدة كل ساكنة الأقاليم الصحراوية، إضافة إلى المجهودات الكبرى للمغرب لإنجاز برامج تنموية تشمل مختلف المجالات. كما شدد الوفد المغربي، يقول الفاسي الفهري، على ضرورة توسيع الوفود لضم ممثلين عن الساكنة الصحراوية في الأقاليم الجنوبية حتى تتاح لهم الفرصة للتعبير عن إرادتهم وللتأكيد على تصورهم، خاصة بالنسبة لمبادرة الحكم الذاتي التي انطلقت وتم التفكير فيها من طرف شيوخ المنطقة والهيئات الممثلة للسكان. وفي ما يتعلق بأسلوب ومسؤوليات الممثل الشخصي، أوضح الفهري أنه بإمكانه ألا يقتصر على جولات تفاوضية واعتماد أساليب أخرى معروفة على الصعيد الدبلوماسي من قبيل توسيع الوفود إلى من يهمهم الأمر من خبراء وذلك "حتى نتقدم في إغناء هذه المفاوضات وكذلك اعتماده لمقترحات وأساليب أخرى أو اجتماعات ولقاءات من طبيعة أخرى". وقال الفاسي الفهري، الذي كان يرد على أسئلة الصحافة الدولية، إنه "حتى لا يكون هناك سوء فهم فإن هذه الأفكار الجديدة ليست جديدة بالنسبة للحل النهائي بل هي أفكار جديدة بالنسبة لمسلسل المفاوضات من أجل تسريع وتيرتها"، معربا عن أمله في أن يمكن الاجتماع غير الرسمي السادس، المقرر عقده في مارس المقبل، الأطراف من تحديد خطة عمل بالنسبة لمسار هذه المفاوضات والنقاط التي يتعين أن تركز عليها. وأضاف أنه من الممكن أن يتم التوصل في الجولة المقبلة لجدول زمني يحدد مختلف الأمور التي ستنصب عليها المفاوضات لاحقا. وأكد الفاسي الفهري على أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن لا زالا يطالبان جميع الأطراف أن تتعامل بروح المسؤولية والتوافق وبرؤية مستقبلية، مبرزا أن المغرب يتجاوب مع هذا النداء ولازال على استعداد كامل للدفع قدما بهذه المفاوضات، معربا عن اقتناعه بأنه "بفضل هذه المقاربة الجديدة وهذه الأفكار في أسلوب التفاوض سوف يتم إحراز تقدم في سبيل التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف الجهوي الذي يعرف الجميع جذوره ومسؤوليات الأطراف في قيامه ويشكل حاليا عرقلة حقيقية أمام المسار الاندماجي لمنطقة المغرب العربي". وأكد أن الأطراف الأخرى تفضل الجمود ولا تريد التقدم إلى الأمام، وهذه مسؤولية تاريخية كبيرة بالنسبة لشعوب المنطقة وخاصة الشعوب المغاربية الخمس التي تواجه مخاطر مختلفة وتحديات واقعية وكذا عدم استغلال إمكانيات التكامل والاندماج والعمل المشترك، مشيرا في هذا السياق إلى أن شعوب المنطقة والمجتمع الدولي تنظر وتراقب وتعرف من الذي لا يريد أن يتقدم إلى الأمام. وقال في هذا الصدد "لا نرى في مواقف الأطراف الأخرى هذه الرغبة في التقدم التي يعبر عنها المغرب دائما، والتي يترجمها قرار مجلس الأمن الداعي إلى مفاوضات تأخذ بعين الاعتبار روح التوافق والواقعية، فما تدعو إليه الأطراف الأخرى ليس هو حل هذا النزاع عن طريق المفاوضات وروح التوافق بل الرجوع إلى مخططات سابقة واستفتاء يعرف المجتمع الدولي بأسره مدى عدم قابليته للتطبيق فوق الأرض لأسباب يعرفها الجميع ومسجلة في سجلات الأممالمتحدة". وعلى صعيد آخر، ذكر الفاسي الفهري بأنه خلال الاجتماع غير الرسمي الخامس "تم تثبيت الاجتماع المقرر إجراؤه في جنيف والخاص بما يسمى بتدابير الثقة، خاصة لمناقشة كل ما يرتبط بتبادل الزيارات حتى يتمكن إخواننا الذين مع الأسف لا يزالون فوق التراب الجزائري منذ أكثر من ثلاثين سنة، من صلة الرحم واللقاء بإخوانهم بالمغرب".