دعا المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان من أغادير في المغرب، خلال مشاركته في «منتدى التنمية البشرية»، حكومات الدول الى توفير 400 مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل، منها 18 مليوناً في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، للتغلب على تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية، ودخول ملايين الشباب الى سوق العمل، خصوصاً في الدول النامية التي سيكون لها دور اكبر في الاقتصاد العالمي، في مقابل تراجع محتمل للدول الصناعية الكبرى. ورأى في مقابلة مع «الحياة» على هامش المنتدى، «ان منطقة شمال افريقيا الممتدة من موريتانيا الى ليبيا، تحقق نمواً اقتصادياً جيداً في ظل الأزمة الدولية، لكنها تفقد بين واحد و 2 في المئة سنوياً من ناتجها الاجمالي، بسبب تعثر خطوات الاندماج الاقليمي، في وقت تحتاج الى مزيد من النمو الاقتصادي لتسريع وتيرة التنمية الاجتماعية». وانتقد «بطء الاندماج الإقليمي بين هذه الدول، والمخيّب للآمال احياناً، حيث ان مشروع انشاء المصرف المغاربي للاستثمار، لا يزال يبارح مكانه، بسبب خلافات حول رئاسته ومقره»، مشيراً إلى انه سيناقش هذا الموضوع خلال زيارته المرتقبة الى الجزائر. وتوقع ان يبلغ النمو في المغرب 4 في المئة العام المقبل، ويرتفع الى 5 في المئة عام 2012، معتبراً ان المنطقة تحتاج الى وتيرة نمو اسرع على غرار الاقتصادات الصاعدة في آسيا، التي تحقق نمواً يراوح بين 7 و 9 في المئة، في مقابل 2 في المئة مرتقبة في دول الاتحاد الأوروبي، التي فقدت ملايين فرص العمل. ويعتقد الصندوق ان النمو الاقتصادي لا يؤدي بالضرورة الى تحقيق تنمية اجتماعية او ايجاد فرص عمل جديدة، ودعا الى معاودة النظر في صيغ النمو الحالية، وتشجيع قيام طبقات متوسطة تضمن الاستقرار الاجتماعي، وتُحصن الاقتصاد العالمي من اي عودة الى ازمات جديدة، معتبراً ان الاقتصادات الصاعدة ستخلق اكبر عدد من فرص العمل، على رغم ان بعضها يعاني فوارق اجتماعية في توزيع الثروات. وشدد العاهل المغربي الملك محمد السادس في رسالة الى «منتدى التنمية البشرية»، على ان العنصر البشري يشكل المحور الاساس للرهانات الجيو استراتيجية المقبلة، المتعقلة بالسلم والاستقرار الدوليين. واعتبر ان مفهوم التنمية اليوم لا ينحصر في معدلات النمو الاقتصادي، وأن رفاهية الانسان اضحت الرافعة الحقيقية للتنمية وغايتها في ذلك. وأوضح محمد السادس الذي كان اطلق «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» قبل خمس سنوات، «ان المبادرة مكنت من اطلاق 22 ألف مشروع تنموي استفاد منها 5 ملايين شخص، وبلغت كلفتها 10 بلايين درهم، ووفرت 40 ألف فرصة عمل، وساعدت الاشخاص المعوزين على الاندماج في التنمية الاقتصادية». ولفت مشاركون في المنتدى، إلى معاناة أكثر من بليون شخص من سوء التغذية والأمراض والاوبئة، بسبب غياب برامج اجتماعية لمكافحة الفقر، او تقصير بعض الدول في معالجة الاختلالات الاجتماعية والفوارق في الدخول المالية. وناقش المنتدى، الذي يستمر يومين، مواضيع لها علاقة بضمان التوازن بين النمو الاقتصادي والنمو الاجتماعي، مثل توزيع الثروات، والتنمية المستدامة، والحوكمة، واستعرض تجارب عدد من دول اميركا اللاتينية والهند وباكستان وماليزيا، ومشاريع البنك الدولي في مجال التنمية البشرية في العالم. وأعلنت ممثلة البنك الدولي شامشاد اختار، ان المغرب سيحقق اهداف الالفية قبل عام 2015، نتيجة اعتماده سياسة اجتماعية قائمة على دعم التنمية البشرية، والانشطة المدرّة للدخل والفئات المهمشة. وقرر البنك الدولي منح المغرب 300 مليون دولار اضافية، في اطار برنامج «أسستنس كونتري ستراتيجي»، لدعم برامج المبادرة خلال الأعوام 2011 الى 2015، ونقل التجربة الى دول اخرى في العالم الثالث، منها افريقيا جنوب الصحراء. وأشار البنك إلى تراجع الفقر في المغرب الى 9 في المئة من مجموع السكان بفضل برامج «التنمية البشرية» في السنوات الاخيرة. وأوضح محافظ المصرف المركزي المغربي عبداللطيف الجواهري، ان الاشخاص الذين يعانون من الهشاشة والمهددين بالفقر، تراجع عددهم في البلاد من 22 في المئة الى 17 من مجموع السكان، بتعميم استفادة السكان من خدمات الماء والكهرباء والمدارس، وتقليص الأمية في الارياف، كما ان التحكم في التضخم جنّب الفئات الضعيفة تأثير ارتفاع الاسعار. ويتفق الكثير من الخبراء على ان الأولوية الاقتصادية العالمية في المرحلة المقبلة ستتمحور حول ايجاد مزيد من فرص العمل للشباب، «باعتباره تحدياً ذا وجهين: فإما يستفاد من الكفاءات الصاعدة، او تتحول الى مصادر قلق او عدم استقرار، لأن العالم يحتاج الى عولمة جديدة تعتمد على الشراكة لبناء الازدهار والاستقرار والإنصاف والتنمية».