حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الذهب يلمع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    هذه تفاصيل استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين في حالة سكر بأصيلة    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    سوريا.. 17 قتيلا في اشتباكات بريف طرطوس أثناء محاولة اعتقال ضابط بارز في عهد الأسد    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف لسيارتهم التي تحمل رمز الصحافة    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    أخبار الساحة    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خليل العناني – "الحياة": إسلاميون بلا حركات: كيف يؤثرون في الانظمة الجديدة؟
نشر في مغارب كم يوم 09 - 01 - 2013

يمثل «الربيع العربي» إحدى نقاط التحول في مسيرة الحركات الإسلامية. فقد فتح الباب على مصراعيه أمام جميع القوى والتيارات الإسلامية كي تصبح فاعلة ومؤثرة في الحياة العامة بعد عقود من المنع والقمع. وقد حصدت هذه القوى الكثير من مكاسب «الربيع العربي» على حساب القوى والتيارات المدنية التي تفتقد البنية التنظيمية والتأثير الجماهيري والشعبي.
بيد أن أبرز ما نتج عن الربيع العربي هو ظهور أفراد وجماعات وكيانات إسلامية جديدة مؤثرة ولكنها لا تنتمي إلى الأشكال التقليدية للحركة الإسلامية، سواء في طبعتها «الإخوانية» أو السلفية أو الجهادية. هذه الكيانات تعبر عن طور جديد في الظاهرة الإسلامية التي لا تزال تبهرنا بكل ما هو جديد وغريب في الوقت نفسه.
وما أقصده هنا أننا إزاء خليط أو هجين إسلامي جديد تمثله مجموعات وتكتلات وشبكات وشخصيات إسلامية ظهرت في أكثر من بلد عربي خلال العامين الأخيرين وتسعى كي تلعب دوراً ملموساً سواء في العمل السياسي أو في محاولة إعادة صوغ المجال العام كي يتوافق مع أيديولوجيتها وأفكارها. هذه الكيانات الإسلامية الجديدة تتميز بمقدار من اللامركزية، فهي إضافة إلى كونها لا تتمتع ببنية تنظيمية أو هياكل بنيوية مؤطرة فإنها تنشط في شكل مواسمي وفق حركة الأحداث وتعتمد على الميديا الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي من أجل إيصال صوتها وتبليغ رسالتها. وفي كثير من الأحيان فإن هذه الكيانات تتقاطع مع بقية التيارات الإسلامية سواء فكرياً وأيديولوجياً أو سياسياً، ولكن من دون رابط تنظيمي أو مؤسسي. هذه الحركات «الهجينة» لم تخرج من رحم الإسلاموية التقليدية وإنما هي «بنت» التحولات التي شهدها المجال الديني في العالم العربي خصوصاً في مصر طيلة العقد الماضي. وهي نتاج لعملية «السلفنة» و «الحفظنة» (من المحافظة) التي حدثت للمجال العام وزادت في شكل واضح خلال الأعوام الخمسة السابقة للربيع العربي الذي ما إن جاء حتى خرجت هذه الكيانات إلى النور وباتت تنشط في شكل واضح وتحاول التأثير في القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية. فالنتيجة غير المباشرة لعملية «السلفنة» (والتي جاءت في سياق الصراع الشديد بين الأنظمة السابقة والتيارات الإسلامية التقليدية كالصراع بين مبارك و «الإخوان») هي نشوء جيل إسلامي جديد أو بالأحرى متدين من دون الارتباط بتنظيم أو حركة إسلامية معينة. بكلمات أخرى ساهم الطلب المتزايد على الدين في المجال العام طيلة العقد الماضي في إيجاد رغبة متزايدة لدى قطاع واسع من الشباب العربي في التدين الفرداني ولكن، من دون أن يتم ذلك من خلال الانضمام أو الانتماء إلى حركة أو تنظيم إسلامي مسيّس وذلك إما خوفاً من الملاحقة الأمنية أو رغبة في الاستقلالية الحركية.
ولعل أبرز من يمثلون هذه الظاهرة ما بات يُعرف في مصر بحركة «حازمون» وهي كتلة إسلامية متحلقة حول الداعية الإسلامي البارز الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية. وقد برزت هذه الحركة خلال الشهور الأولى للثورة المصرية ولكنها اكتسبت زخماً وحضوراً ملفتاً في المجال العام خلال الأسابيع القليلة الماضية وتحديداً إبان أزمة الإعلان الدستوري الشهيرة وأثناء عملية التصويت على الدستور المصري الجديد. فقد قامت الحركة بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي وجرى الحديث عن تورط بعض أعضائها في الهجوم على مقر حزب «الوفد» فضلاً عن محاصرتهم بعض أقسام الشرطة المصرية. تستند حركة «حازمون» إلى هجين أو خليط أيديولوجي وسياسي. فهي من جهة تتبنى خطاباً ثورياً يتقاطع مع خطاب الكتل الثورية الشبابية الرافض كل ما له صلة بالنظام القديم وينادي بالتطهير الشامل لمؤسسات الدولة. ومن جهة أخرى لديها أجندة ورؤية سلفية واضحة تضع مسألة تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية على رأس أولوياتها. وهي من جهة ثالثة لا ترى غضاضة في اللجوء إلى القوة سواء للردع أو من أجل تحقيق مطالبها. ويغلب على تكوين هذه الحركة العنصر الشبابي حيث يتراوح عمر أعضائها ما بين 20 و30 عاماً. وقد كانوا العصب الرئيس في الحملة الرئاسية لأبو إسماعيل. هذه الحركة تقف على تخوم جماعة «الإخوان المسلمين» من جهة وتخوم التيار السلفي من جهة أخرى. فمؤسسها الشيخ أبو إسماعيل تربى وترعرع داخل جماعة «الإخوان» على رغم نفيه المتكرر لذلك. ولكنه بحد ذاته يمثل النزوع السلفي ل «الإخوان» طيلة العقد الماضي والذي كان قد رصده الصديق الراحل الباحث حسام تمام في أطروحته حول «تسلّف الإخوان». ولعل ما يلفت النظر في حركة «حازمون» أنها تمثل إحدى محطات التحول في الظاهرة الإسلامية يمكن أن نطلق عليه «السلفية الثورية» وهي ظاهرة رصدناها من قبل على هذه الصفحة. وهي ظاهرة في حالة ديمومة وتطور باستمرار ولا ندري أين ستتوقف وتأخذ شكلها النهائي وما إذا كانت ستستطيع الانتقال من حال السيولة إلى المأسسة والتنظيم وما ستكون تداعيات هذا التحول خصوصاً في ظل الأخبار المتواترة حول سعي الشيخ أبو إسماعيل لإنشاء حزب سياسي وتأطير الحركة ضمن إطار رسمي ومؤسسي.
هناك أيضاً «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» وهي كيان غير رسمي يتكون من خليط من الرموز السلفية و «الإخوانية» والجهادية السابقة. وهي هيئة متقاطعة في شكل واضح مع جماعة «الإخوان» من جهة والدعوة السلفية والجهاديين التائبين من جهة أخرى. وعلى رغم وجود هيكل شبه تنظيمي لهذه الهيئة إلا أنها لا تتمتع ببنية هيكلية ومؤسسية خاصة خارج العاصمة المصرية. وهي أقرب ما تكون إلى كيان استشاري وتنسيقي أكثر منه كياناً سياسياً أو حركياً. بيد أن ثمة أخطاراً من أن تتحول هذه الهيئة مستقبلاً كي تصبح مؤسسة دينية تمارس مقداراً من الرقابة على الحياة العامة والحريات الفردية والقضايا الاجتماعية والثقافية تحت شعار «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
يُقابل هذه الكيانات الجديدة ما بات يعرف بشبكات «أنصار الشريعة» المنتشرة في العالم العربي والتي تورطت في أعمال عنف في ليبيا وتونس واليمن وتبدو أكثر نشاطاً وسيطرة في الجزء الشمالي من مالي. وهي الجماعات التي يراها البعض امتداداً لتنظيم «القاعدة» (راجع التحقيق المتميز الذي كتبه الزميلان محمد أبو رمان وحسن أبو هنية على صفحات هذه الجريدة قبل أسبوع). ولعل ما يلفت النظر في نمو ظاهرة «أنصار الشريعة» أمران: أولهما قدرتها على تحويل مسألة الشريعة إلى مطلب «شعبوي» بعيداً من التعقيدات الفقهية والثيولوجية للمسألة وذلك من أجل دغدغة مشاعر كثير من المتدينين في العالم العربي ومن ثم تعبئتهم واستخدامهم في الصراع مع الأنظمة الجديدة في مصر وليبيا وتونس واليمن، وثانيهما قدرة المنتمين إلى هذه الشبكات على الاستفادة من الانفتاح الشديد في المجال العام بعد الثورات العربية لمحاولة تسليط الأضواء على أفكارهم وأيديولوجيتهم من خلال الوسائط الإعلامية المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي شأنهم في ذلك شأن بقية الفاعلين السياسيين بحيث بات في إمكانهم التواصل مع فئات خارج نطاقهم الأيديولوجي والعقائدي بسهولة.
السؤال المهم الآن يتعلق بمدى تأثير هذه الجماعات والكيانات الإسلامية الجديدة ليس فقط قي مستقبل التحول الديموقراطي في المنطقة وإنما أيضاً في الأنظمة «الإسلامية» الموجودة الآن في الحكم. بكلمات أخرى، إلى أي مدى يمكن أن تتناغم هذه الجماعات الجديدة أو تتصارع مع الإسلاميين التقليديين ك «الإخوان» والأحزاب السلفية والجهادية؟ هنا يمكن القول إن العلاقة بين الطرفين تمر حتى الآن بمقدار من التناغم والتوافق خصوصاً في ظل المعركة الشرسة التي تخوضها الأنظمة الجديدة مع بقايا الأنظمة القديمة ما يدفع كلا الطرفين إلى التعاون والتعاضد. بيد أن من غير المستبعد على الإطلاق أن تشهد هذه العلاقة مقداراً من التأزم وربما الصراع والصدام في المستقبل القريب لأسباب كثيرة ليس أقلها الصراع على السلطة بمختلف أشكاله ومحاولة كليهما احتكار الحديث باسم «المشروع الإسلامي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.