أجمع المشاركون في ندوة "الإعلام العربي في زمن التحولات"، على أن "خدمة الرسالة الأسمى للإعلام العربي تتجسد في ضمان الالتزام بالحد الأقصى للمهنية المسؤولة،التي لاتستقيم سوى بتوسيع الحريات والديمقراطية والحق في الوصول إلى المعلومة". كما أكدوا زوال اليوم، في ختام ندوة "الإعلام العربي في زمن التحولات..هل انتصر للمهنية أم أجج الفتن؟"، التي نظمها بالرباط،مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان، بتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، (إيسيسكو)، أهمية اعتماد المنابر الإعلامية هيكلة جديدة تؤسس لمرحلة جديدة تقوم على مراجعة النفس، وتكريس ثقافة بناء القدرات للصحافيين باستمرار، وإعداد مواثيق الشرف، وخلق إعلام متنوع يجسد صورة مكونات المجتمعات العربية، دون إقصاء لأي طرف. وابرز البيان الختامي لأشغال الندوة، الذي قدمه حسن الراشدي، مدير البرامج الخاصة بمركز الدوحة لحرية الإعلام، اهتمام المشاركين بالتحديات المفروضة على الإعلام التقليدي عقب ثورة التكنولوجيا التي أفرزت صحافة المواطنة، صنفا إعلاميا جديدا. وسجل المشاركون على اختلاف مشاربهم ، اهمية الظرفية التي تعيشها المنطقة العربية، خلال وبعد مرحلة التحولات الكبرى ، ودور الإعلام العربي في تكريس الديمقراطية وحرية الإعلام، وحق الاختلاف، واعتماد المهنية المسؤولة، هدفا أسمى لخدمة رسالة الإعلام العربي. وأوصى المشاركون بإعادة هيكلة المؤسسات والمنابر الإعلامية العربية، بما يسمح بمواكبتها زمن التغيير ، والتزامها بأقصى مستويات المهنية المسؤولة، ومواثيق السلوك، وتجذير ثقافة وأخلاقيات الممارسة المهنية. كما طالبوا ب"استماع تلك المؤسسات العربية لمطالب المواطن في توفير إعلام محلي يجسد صورة مكونات المجتمع ومطالبه بدمقرطة الإعلام"، مع " الحرص التام على ضمان استقلالية الإعلام عن أي سلطة دينية أو سياسية أو مالية، وعن أي توجيه أو تأثير خارجي". ودعا المشاركون حكومات الدول العربية إلى حماية الإعلاميين وتمكينهم من تحسين شروط عملهم. وعبروا عن تطلعاتهم ليقوم مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان بتكريس هذه المبادرة وجعل الندوة الإقليمية تنعقد سنويا. ودعوا أيضا " الإيسيسكو" إلى مواصلة ودعم أنشطة المجتمع المدني في الدول العربية. كما اقترحوا إحداث مرصد عربي لإنتهاكات وخروقات حرية الإعلام في الوطن العربي، داعين كذلك إلى الاهتمام بالتربية الإعلامية ضمن المناهج والمنظومة التعليمية في الوطن العربي. وأوضح محمد أوجار،رئيس مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان، دوافع اختيار موضوع الندوة، وذلك من أجل مساءلة التحولات التاريخية العميقة، ومدارسة دور الإعلام العربي في نسجها. وأضاف أن الفضاء العربي يعج بالعديد من الفضائيات،التي يقدر عددها بحوالي 800 قناة تلفزيونية،مشيرا إلى أنه وقع الاختيار على مساءلة تجربة قناتي " الجزيرة" و" العربية". وقال أوجار ،إنه كان من العسير على جمعية غير حكومية، مثل " الشروق"،أن تتمكن من تغطية خريطة كل الفضائيات العربية، معبرا في نفس الوقت عن الاعتزاز بحضور قامات وزعامات، ومشيدا بما قدمته من الخدمات الإعلامية والحقوقية في الوطن العربي، وكانت لها إسهامات بارزة في مسارات الإصلاحات التي شهدتها المنطقة العربية. ولم يفت أوجار، الإشارة إلى أن الجلسة الافتتاحية للندوة،استقطبت كل ألوان الطيف السياسي والحقوقي، مذكرا أن العروض المقدمة، أبرزت الحاجة إلى لقاءات ومنتديات أخرى. ومن جهته، أكد الدكتور بن سعيد، من قسم الإعلام ب"الإيسيسكو" أهمية النقاشات التي سادت أعمال الندوة، وما أسفرت عنه من توصيات تصب في منحى تعزيز هامش حرية التعبير في العالم العربي والإسلامي. وأوضح بنسعيد أن الإعداد للندوة تم في زمن قياسي، مشيرا إلى أن ذلك يندرج في صميم رسالة " الايسيسكو"، معبرا عن الاستعداد لتنفيذ التوصيات الصادرة عنها في إطار مذكرة التفاهم الموقعة مع مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان. وأثار بنسعيد في تدخله نقطة تتعلق بالفتن المرتبطة بالطوائف والمذاهب الدينية، معتبرا إياها مصدرا للقلق، وداعيا الدول " إلى مساعدتنا لتجاوز الفتن التي تسيء إلى صورة الإسلام"، على حد تعبيره. واستغل حسن الراشدي،وجود العديد من الزملاء، ليتحدث في ختام الجلسة الختامية للندوة، عن وظائف وادوار مركز الدوحة لحرية الإعلام، الذي يوجد مقره بقطر، مستعرضا أوجه أنشطته، ومختلف تدخلاته للدفاع عن حرية الإعلام والارتقاء به وتطويره في العالم العربي. وقال الراشدي،" إننا جميعا نشتغل بصمت، وقمنا بالعديد من المبادرات"، مشيرا في هذا السياق، على سبيل المثال،إلى قيام المركز بالإسهام في إعادة بناء التجربة الإعلامية في ليبيا، مضيفا أن حكم العقيد معمر القذافي طيلة 42 سنة، لم يترك أي نوع من الممارسة الصحافية. ويشتغل مركز الدوحة، حسب الراشدي، أيضا في مجال الدفاع عن الصحافيين الذين يتعرضون للانتهاكات الخطيرة، معبرا عن دعمه ومساندته ومساعدته لهم، والوقوف إلى جانبهم. كما يشتغل المركز أيضا ببناء القدرات وتربية النشء في المدارس،على كيفية التعاطي مع الإعلام، لكي تكون له نظرة متفحصة وواعية بكل مايأتيه من الفضاء الإعلامي. *تعاليق الصور: -من اليمين إلى اليسار: حسن الراشدي من مركز الدوحة، محمد أوجار، رئيس مركز الشروق، الدكتور بنسعيد من قسم الإعلام ب"إيسيسكو". -بعض المشاركين في الندوة في صورة تذكارية