"القدس العربي" تونس: طارق القيزاني أثار مشروع قانون تقدم به أكثر من مئة نائب داخل المجلس الوطني التأسيسي ويدعو لمنح 'جرايات تقاعد مدى الحياة' للنواب بعد انتهاء مهامهم داخل المجلس، ضجة لدى الرأي العام في تونس. وأدى الإعلان عن مشروع القانون الذي تقدم به 133 نائبا من بين 217 داخل المجلس التأسيسي لانتقادات واسعة في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت اذاعة موزاييك الخاصة أعلنت أمس الثلاثاء عن طرح مشروع القانون والذي يطالب من ورائه النواب التمتع بمنح أو جرايات تقاعد مدى الحياة 'تحفظ لهم حياة كريمة' بعد انتهاء مهامهم داخل المجلس. وكان يفترض أن تنتهي مهام النواب المنتخبين منذ 23 تشرين أول/أكتوبر العام الماضي لصياغة دستور جديد للبلاد في مدة سنة واحدة، لكن هذه المدة أصبحت مستحيلة مع التباطؤ في حسم أغلب الملفات داخل المجلس. ويتوقع التمديد في تلك الفترة لنصف سنة أخرى على الأقل مع أن مراقبين في تونس يعتبرون أن صياغة الدستور قد تأخذ حيزا أطول من الوقت في حال الافتقاد إلى التوافق بين مختلف الأحزاب حول طبيعة النظام الجديد، ما يعني الاتجاه إلى خيار الاستفتاء الحاسم في نهاية المطاف. ويطرح مشروع القانون المقدم مفارقة لأنه يأتي بعد إعلان عدد من نواب المجلس الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على حملة اعتقالات أمنية مؤخرا في مدينة منزل بوزيان بمحافظة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية. وشملت تلك الاعتقالات محتجين يطالبون بالتشغيل والتنمية وبالاعتناء بجرحى الثورة. ويمكن أن يهز المشروع صورة النواب داخل المجلس التأسيسي (السلطة العليا في البلاد) أمام الشعب فيما تشتد المطالب الاقتصادية والاجتماعية في أغلب المحافظات. ويبلغ معدل البطالة في تونس 6ر17 في المئة، إذ يرتفع عدد العاطلين إلى أكثر من 691 ألفا، بحسب آخر إحصائيات رسمية صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. ونأت حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية 'د. ب. أ' نسخة منه ، بنفسها عن مشروع قانون 'الجرايات مدى الحياة'. وقال البيان إن كتلة الحزب، التي تضم 88 نائبا داخل المجلس، ليست الجهة التي تقدمت بالمشروع وأنها تؤكد معارضتها له. وقال سمير بن عمر النائب عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الشريك في الحكم، ومستشار الرئيس المنصف المرزوقي في تصريح إذاعي اليوم، إن المشروع لا يزال في صيغة المسودة ولم يطرح على النقاش داخل المجلس. وأضاف بن عمر أن 'حزب المؤتمر يعارض أي منح إضافية للنواب داخل المجلس التأسيسي تخالف ما هو معمول به في الدول الديمقراطية'. وكانت اذاعة موزاييك أشارت إلى أن مشروع القانون تقدم به النائب المستقل صالح شعيب. وقبل استلام نواب المجلس التأسيسي مهامهم بعد انتخابهم سارت تسريبات في وسائل الإعلام عن اعتزام عدد منهم خدمة الشعب وصياغة الدستور خلال المرحلة الانتقالية بصفة تطوعية. ولم تتأكد تلك التسريبات لاحقا مع الإعلان عن حجم الرواتب التي أثارت سخطا شعبيا، وهي تعد بالفعل مبالغ فيها بالمقاييس التونسية. ويتمتع النواب المنتخبين على مستوى الدوائر الوطنية بجرايات شهرية تفوق 4900 دينار تونسي (3120 دولارا) فيما يحصل النواب المنتخبون بالدوائر الانتخابية خارج البلاد بجرايات تقارب 10 آلاف دينار (6370 دولارا). ويبلغ متوسط الدخل في تونس 500 دينار (318 دولار). ويطالب مشروع القانون المقدم بالتمتع ب33 بالمئة من قيمة المرتب كجرايات تقاعد شهرية مدى الحياة. وفضلا عن التعويضات التي يطالب بها أكثر من عشرة آلاف من السجناء السياسيين في نظام بن علي، فإنه يتوقع أن يلقي مشروع القانون الجديد ضغوطا إضافية على خزينة الدولة التي تعاني أصلا من صعوبات حادة.