الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار يرى متتبعون لتطور ملف نزاع الصحراء، أن الجمود الدبلوماسي سيظل سيد الموقف خلال الفترة المقبلة، دون تحديد مدتها، غير مستبعدين بروز عناصر وأوضاع يمكن أن تخرج الملف من الرفوف. وساد "التشاؤم" على إثر الاتصال الهاتفي الذي جرى يوم السبت الأخير، بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون، أشارت إليه وكالة الأنباء المغربية ومتحدث باسم الأممالمتحدة. ويتضح من صيغتي الإعلان أن، كي مون، مستمر في رفض الطلب المغربي باستبدال ممثله الخاص، ألدبلوماسي،"كريستوفر روس" بعد أن سحبت الرباط ثقتها منه وأعلنتها صراحة في شهر مايو الماضي، متهمة المبعوث الأممي بالانحياز والخروج عن مهمة الوساطة المحايدة الساعية إلى اتفاق الطرفين على أسس معقولة ومقبولة متوافق عليها طبقا لمخطط مجلس الأمن الدولي. ومن المستبعد أن تكون الرباط قد سعت إلى إحداث أو افتعال أزمة مع الأممالمتحدة، وهي التي ظلت متعاملة متعاونة معها منذ الاتفاق على وقف الاشتباكات المسلحة بينها وبين وجبهة البوليساريو عالم 1991 إيذانا بالشروع في تطبيق مسلسل التسوية السلمية للنزاع. وبرأي مراقبين فإن المغرب ما كان ليصعد الخلاف مع كريستوفر، لدرجة اتهامه وسحب الثقة منه، لو لم يكن بحوزته ما يكفي من الدلائل الملموسة والحجج الدامغة على أن الوسيط، تعدى حدوده، وبالتالي صعب على الرباط أن تستمر في التعاون مع مبعوث للأمين العام يناصبها العداء، وهي تدرك ما لقرارها من عواقب، ما جعل الدبلوماسية المغربية في شخص وزير الخارجية سعد الدين العثماني وأركان الوزارة، يبذلون المساعي والقيام بالشرح والتفسير لإقناع اطراف فاعلة في المنتظم الدولي بحقيقة ما يعتبره المغرب "تجاوزات" خطيرة من طرف كريستوفر. وساد الاعتقاد أن الأمين العام الأممي، سيقبل ولو مضطرا الاعتراض المغربي على ممثله الخاص ويسارع إلى استبداله بوسيط جديد، بناء على ما سبق حين اعترضت جبهة البوليساريو ومعها الجزائر على وسيط سابق. لكن "كي مون" اصر على الرفض خلافا للمرونة التي طالما اتسمت بها مقاربة الذين سبقوه لهذا الملف الشائك. وثمة من يقول إن "بان كي مون" اتخذ قراره الرافض بدعم خفي من أطراف دولية مؤثرة في نزاع الصحراء، في إشارة ضمنية إلى الولاياتالمتحدة التي ربما عابت على المغرب التسرع وعدم الاستشارة القبلية معها ومع الأمين العام، قبل الاعتراض على مهمة "كريستوفر" وإذا صح هذا الطرح أو ما هو قريب منه، فإن ذلك يعني أن المغرب فتح معارك في واجهتين عظميين أولهما الأممالمتحدة، القوية رمزيا، وثانيهما الولاياتالمتحدة القوية ماديا وعسكريا وسياسيا. فهل أخطأ المغرب حقا ووقع في سوء التقدير؟ أم أن الأزمة الحالية مؤشر تمهيدي على دخول ملف نزاع الصحراء طورا دبلوماسيا جديدا؟ المعطيات الحالية، توحي باستمرار التأزم، يبررذلك الانشغال الدولي بالأوضاع في الشرق الأوسط وتداعيات الصراع على السلطة في سوريا وما يمكن أن يجره من حرب اقليمية تستهدف ردع إيران وإبطال مشروعها النووي، كما قد تخرج الحرب عن أهدافها فتأتي على الأخضر واليابس إذا دخلتها إسرائيل. ومما يدل على استمرار الجمود، العبارات التي تبادلها الأمين العام مع ملك المغرب والتي مفادها أن الأممالمتحدة مستمرة في تنفيذ مخطط مجلس الأمن بخصوص الصحراء، ساعية إلى تيسير سبل تعاون ثنائي بين المغرب والجزائر، بينما أكد ت الرباط تشبثها بمخطط الحكم الذاتي المقترح من جانبها باعتباره الإطار الواقعي والجدي للتوصل إلى حل سلمي ونهائي للنزاع، أي أن الجانبين متباعدان عن بعضهما. ومن الواضح أن تحريك ملف الصحراء يستدعي رجة عنيفة يقدم عليها بجرأة طرف من أطراف النزاع، تفتح طريقا آخر لتجريب مقاربة مبتكرة، بعد أن استنفدت المحاولات والوساطات القديمة أغراضها. فمن يكون السباق إلى اقتراح بدائل؟ الأممالمتحدة عبر استبدال وسيطها لفسح المجال أمام خبرات جديدة، أم المغرب الذي يمكن أن يتراجع عن رفضه مقابل عرض يقبل به ويرضاه؟ الساحة فسيحة لكل المفاجآت. *تعليق الصورة: العاهل المغربي الملك محمد السادس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون