الرباط "مغارب كم" : بوشعيب الضبار تحولت الساحة المقابلة لمقر وزارة الاتصال المغربية القديمة، وسط الرباط ، ليلة أمس، إلى فضاء للسمر والسهر، على وقع الحكايات المبحرة في عوالم الخيال، بصحبة إبن بطوطة، من خلال منصة في شكل سفينة أطلق عليها "سفينة اللقاءات". وجاء اختيار المنصة منسجما مع روح وجوهر فكرة المهرجان الدولي للحكايات، في دورته التاسعة، تحت شعار "الكلمة المتوسطية"، الذي تنظمه جمعية "لقاءات" للتربية والثقافة، برئاسة نجيمة طاي طاي، الوزيرة المغربية السابقة، والتي وضعت شؤون وشجون حزبها، التجمع الوطني للاحرار جانبا، وانصرفت لعالمها المفضل، الحكي والسرد، واستلهام تراث الأجداد. وقالت طاي طاي لموقع "مغارب كم" إن جدتها هي التي علمتها أصول الحكاية، وقد كانت فقيهة وطبيبة، في نفس الوقت، تداوي الأطفال. وأضافت في اتصال هاتفي معها ، أن اختيار إبن بطوطة هو أحسن رمز، لما يمثله من قيمة تاريخية وحضارية من خلال رحلاته، "إلى جانب شخصية ثانية هي أمنا للابحرية، التي تحيل على الأم والجدة". وأشارت طاي طاي إلى أن المهرجان ينطوي على رسائل سياسية عميقة، تدعو لترسيخ ثقافة حوار الحضارات، وتؤكد على قيم التسامح والمحبة والتعايش بين الشعوب. وأعلنت نجيمة أن المهرجان سوف يكرم جدة عمرها أكثر من 120 سنة، "ذات ذاكرة وهاجة"، نزيلة المركب الاجتماعي لعين عتيق، "ومن خلالها نكرم كل امرأة، وكل أم، وكل جدة، ولكل النسوة". فوق منصة السهرة، وسط الرباط، كان عبد الله ديدان، الممثل المغربي المعروف،يتحرك بسلهامه، وهو يسافر بالمتفرجين،عبر أجنحة الخيال، إلى أفاق بعيدة لم تطأها أقدامهم، في حديث عن مغامرات إبن بطوطة في دنيا الأسفار عبر الأقطار، بطريقة يغلب عليها التشويق، فيما كانت ممثلة أخرى، هي فاطمة الزهراء،تتحدث بإسم جمعية "لقاءات" موجهة الدعوة للتلاقي بين إبن بطوطة وللا بحرية، في قالب خيالي. وعلى امتداد خمس فضاءات بمدن جهة الرباطسلا زمور زعير، كان هناك سمر حكائي عن "المرأة المتوسطية في مختلف تجلياتها". وفي منصة العاصمة السياسية، كان هناك رواة وفنانون آخرون، بلغات وإيقاعات موسيقية أخرى يؤثثون الفضاء، كل بأسلوبه في الحكي والإنشاد والرقص أيضا، وقد ألهبت الفرقة الإسبانية الأكف تصفيقا. كما تفاعل الجمهور مع المشاركة الفلسطينية، وفرقة الطقطوقة الجبلية الموسيقية، من خلال لوحات زاخرة بالتراث الشعبي، في سهرة امتدت إلى الساعة الثانية من صباح اليوم الأربعاء. وإذا كانت الدورة الثامنة للمهرجان الدولي للحكايات، قد تميزت "بالمشاركة القيمة للدول المغاربية"، فإن منظمي هذه التظاهرة الثقافية والفنية اختاروا هذا العام التركيز على فضاء حوض البحر الأبيض المتوسط ، تحت شعار "تنوع الثقافات منطلق لحوار الحضارات". واعتبروا فضاء المهرجان "محفلا دوليا يسهل عملية ربط جسور التواصل والانفتاح على بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط لإبراز القواسم المشتركة التي تزخر بها الثقافات اللامادية للشعوب المتوسطية". "ومن هذا المنطلق، تقول وثيقة وزعت على الصحافة، سيطوف بنا الرحالة المغربي العالمي إبن بطوطة الطنجي، خلال سبعة أيام وسبعة ليالي، في المجال المتوسطي لنعانق ثقافات خمس دول من الضفة الشمالية، وهي تركيا واليونان وايطاليا وإسبانيا وفرنسا، وخمس دول من الضفة الجنوبية، وهي الجزائر وتونس ومصر ولبنان وفلسطين ، بالإضافة إلى البلد المستضيف المغرب". خلف منصة الرباط، كان هناك معرض التراث الثقافي اللامادي، الذي يسلط الأضواء على ثقافات حوض المتوسط بمختلف أشكالها وألوانها، مستعرضا ماتزخر به منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من كنوز تاريخية، وثقافات متنوعة لفلسطين والجزائر ومصر وليبيا والمغرب. *تعليق الصورة: جانب من المهرجان الدولي للحكايات بالرباط.