دكتور علاء الأسوانى أديب ومفكر وفنان وفخر لكل مصرى. كان يدك قلاع النظام بلا هوادة بمقالات نارية قبل الثورة، أثرت فى ملايين المصريين وحركت بداخلهم الشعور الوطنى والثورى ضد نظام مبارك العسكرى، بل كان أحد الأقلام التى ساهمت بلا شك فى اندلاع الثورة بكشفه قمع وظلم الدولة البوليسية المستبدة! كتابات الأسوانى فى تحليل مواقف وفكر الإسلام السياسى واضحة! وكم ذاق من التخوين والتكفير والتشويه بالعمالة لآرائه المناهضة للانتهازية السياسية باسم الدين! ثم تغير الحال 180 درجة عندما وقف بجانب الرئيس مرسى ضد شفيق، وإن كان لم يصوت له فى جولة الإعادة، وشاهدنا على الشبكات الاجتماعية والتصريحات الإخوانية كم المديح والإطراء والحب الفجائى والعاطفة الإخوانية الجياشة! لم يكن مستغرباً على الإطلاق هذا النفاق السياسى ونفس الشىء مع 6 إبريل، مثلما كانوا يلقبون ب6 إبليس.. تناغم تام فى فكر هؤلاء بين الانتهازية السياسية وإحدى أدواتها النفاق السياسى.. «معايا.. حبيبى وكفاءة وأحترمك.. ضدى.. عميل وخاين وزنديق وكافر». انزعج الكثير من القوى الليبرالية والمدنية من موقف الأسوانى بل هاجمه الكثير! وبدأنا نسمع عن «إخوانية متخفية» للأسوانى! أنا شخصياً لم أنزعج من موقفه، وإن كنت غير مؤيد بالتأكيد! وسبب عدم انزعاجى أننى أعلم أن مواقفه تنبع من المبادئ، بصرف النظر عن توجهاته السياسية! وهى صفة نبيلة وشجاعة أيضا لأى مفكر ومثقف سياسى! وجهة نظر الأسوانى تنبع من شعاره الدائم فى كل مقالاته وهو «الديمقراطية هى الحل»، وإذا كنا نتحدث عن مبدأ فيجب الدفاع عنه، حتى لو أتى بنتائج ضد انتماءاتنا ورغباتنا، وأن الدفاع عن الأساس الديمقراطى السليم هو الضمانة الحقيقية للحكم الرشيد وتطور المجتمع! وأتفق تماماً مع هذا الطرح وأؤيده. ولكن السؤال هنا عن أى ديمقراطية نتحدث؟ وهذا هو مربط الفرس! الديمقراطية ليست فقط صندوق انتخابات لجولة الإعادة رغم ما قاله الأسوانى نفسه فى مقاله قبل جولة الإعادة من أن انتخابات الإعادة غير شرعية- إن أكبر خطأ يقع فيه المصريون أن يعتبروا جولة الإعادة انتخابات حقيقية بين مرشح «الإخوان» محمد مرسى ومرشح «العسكرى» أحمد شفيق. فى رأيى الشخصى أن المناخ السياسى الذى عاصرناه يتصف بديمقراطية وهمية ومزعومة وموجهة وملوثة! بدأت من الأرضية الدستورية والتشريعية بالإعلان الدستورى فى 30 مارس! الذى أقر مبدأ إصدار العسكرى مواد دستورية إضافية دون الرجوع للشعب، ولكن الإسلام السياسى دافع عنها بشراسة، لأنها كانت فى مصلحته تماما فى هذه الفترة ثم تباكى بعد ذلك على الإعلان المكمل الذى كان فى ظاهره دفاعاً عن مبدأ الإعلان رغم أنهم أقروه سابقا ولكن حقيقته دفاع عن مصلحة الجماعة فى تورتة مجلس الشعب والتأسيسية! نعم ندافع عن ديمقراطية حقيقية لو تم تطبيق قانون العزل مبكراً لإعطاء فرصة عادلة لجميع المرشحين، ولكنهم تحركوا «نفعياً» فقط عندما رشحوا الشاطر ثم وجدوا أمامهم عمر سليمان! وكانت النتيجة نجاح مرسى بتصويت عكسى غير عادل، نتيجة لوصول شفيق للإعادة! ديمقراطية حقيقية عندما يكون هناك إصرار على لجنة قضائية مستقلة تدير الانتخابات، وليس لجنة يحركها المجلس العسكرى! لقد دافع د. الأسوانى بحسن نية عن ديمقراطية «جولة الإعادة فقط»، ولم يلتفت إلى مجمل العملية الديمقراطية والمناخ السياسى برمته، وأنا أعتبره مناخاً فاسداً وباطلاً «ديمقراطيا» لا يستحق الدفاع عنه، استفاد به الإخوان بمساعدة «العسكرى» طواعية أو مرغماً!