على إيقاع الخلافات،بخصوص اختيار الأمين العام المقبل،التأم اليوم 5000 مناضل استقلالي في المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بمدينة الرباط، بمناسبة انعقاد مؤتمر حزبهم الوطني السادس عشر، تحت شعار "التشبث بالثوابت والتعبئة من أجل التدبير السليم للشأن العام". وقد أوضح عباس الفاسي، الأمين العام للحزب، المنتهية ولايته، في تقريره المذهبي، أن هذه الثوابت التي دافع عنها الحزب منذ بزوغ الفكرة الاستقلالية إلى اليوم، تتمثل في الإسلام ، والملكية الدستورية، والوحدة الترابية. ولوحظ أن الفاسي حرص على أن يتولى شخصيا تقديم فقرات افتتاح المؤتمر، الذي حضرته ، تقريبا، كل أطياف المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني،إضافة إلى بعض أعضاء الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران. واستعرض الفاسي في تقريره ، محطات أساسية من تاريخ الحزب، منذ تأسيسه على أيدي الرواد الأوائل،" للحركة الاستقلالية التي انطلقت خلاياها الأولى منذ أكثر من ثمانين سنة،" مشيرا بالخصوص إلى علال الفاسي ،" الذي تميز بعلمه الواسع، واجتهاده المتنور وفكره التقدمي"، على حد قوله. ودعا الفاسي المؤتمرين القيام بالنقد الذاتي الضروري، " الذي على أساسه نتدارك مواطن الضعف،ومكامن النقص، للانطلاق نحو مرحلة جديدة بعزيمة قوية، وحماس متجدد". وتوقف الفاسي مطولا عند حديثه عن الفترة التي قضاها على رأس الحكومة،واصفا الحصيلة بأنها "جد إيجابية" من خلال سرده لما " حققته من إنجازات، وما اتخذته من تدابير"، على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باستناده على الكثير من المعطيات والأرقام والنسب. ولدى تطرقه إلى التجربة الحكومية الحالية ، التي يقودها عبد الإله بنكيران، لم يفته أن يوجه بعض الانتقادات إليها، ومنها أن تمثيلية المرأة ضعيفة، ولاتنسجم مع حضور العنصر النسوي في الحياة السياسية، وفي المجتمع المدني، وفي الحياة العامة، مذكرا أن الحكومة السابقة التي كان يرأسها تضم في بدايتها سبع نساء. كما لاحظ غياب تمثيلية الأقاليم الصحراوية،في رغم ماتتوفر عليه من كفاءات وطاقات، داعيا إلى تدارك هذا النقص في أقرب وقت ممكن. وألح الفاسي على أن تعمل الحكومة، التي يشارك فيها حزبه، على أن تعمل كمؤسسة مسؤولة ومتضامنة يحرص كل أعضائها على العمل الجماعي الذي يقوم على التشاور في مختلف القضايا الأساسية،حتى يتبلور الانسجام داخلها، وتسود الثقة بين مكوناتها. وشدد الفاسي على ضرورة تفعيل اتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي وضمان الأمن الجماعي للمنطقة، وخدمة المصالح الحيوية للشعوب المغاربية. وقبل أن يختم تقريره، عبر الفاسي عن تأثره العميق، وهو ينهي مهامه،"بعد أكثر من خمسين سنة من النضال على كل الواجهات، توجت بالقرار بتعييني وزيرا أول ورئيسا للحكومة لمدة أربع سنوات". وأردف أنه سيكون سعيدا، عندما سيرجع لينشط في إطار الخلية التابعة للحي الذي يقطن فيه منذ أكثر من أربعين سنة، ووجه نداء إلى أعضاء الحزب للالتزام بوحدة الصف، واعتماد النقد الذاتي، ومراجعة النفس منهجا في العمل التنظيمي والسياسي للحزب، وكأنه يوصي بذلك من سيخلفه على رأس الأمانة العامة للحزب، وهما عبد الواحد الفاسي، وحميد شباط، أبرز المرشحين، الذين حرصا على التلويح معا، متشابكي الأيدي، لتحية المؤتمرين، في محاولة منهما، ربما، لمحو الصورة عن صراعهما المحتدم بسبب السباق نحو رئاسة أقدم حزب مغربي في البلاد. وكانت كل اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر كافة أعمالها، ماعدا لجنة القوانين، التي سادت الاختلافات في الرؤى أجواء عملها، وخاصة فيما يتعلق بالشروط التي يجب توفرها في المرشح للأمانة العامة،كالتنصيص مثلا على ان تكون له ولايتان إثنتان في اللجنة التنفيذية، وهو مااعتبره أنصار حميد شباط محاولة لقطع الطريق عليه، بوضع هذه العقبة في وجهه. وتواصل هذه اللجنة أشغالها خلال المؤتمر الذي سيستمر، حسب البرنامج الموزع على الصحافة،على مدى ثلاثة أيام، يتم خلالها أيضا انتخاب رئيس المؤتمر، ومناقشة التقرير المذهبي،وتقديم التقرير المالي ومناقشته، وتقديم اللجان لخلاصات أشغالها،وانعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني، يتلوها انتخاب الأمين العام الجديد، غدا السبت ليلا، بينما تجري عملية انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية صباح الأحد المقبل. *تعاليق الصورة: قيادة حزب الاستقلال في افتتاح المؤتمر العام للحزب، ضيوف المؤتمر وفي مقدمتهم عبد الاله بنكيران رئيس الحكومة، عبد الواحد الفاسي وحميد شباط ابرز المرشحين