الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار ذكرت جريدة المساء المغربية (عدد السبت) أن لقاء وصفته بالسري، جرى أخيرا بين رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران، وصلاح الدين مزوار، وزير المالية السابق والرئيس المنتهية ولايته لحزب التجمع الوطني للأحرار، المتموقع حاليا في خندق المعارضة. وحسب ذات المصدر فإن، بنكيران ومزوار، ناقشا احتمال دخول "التجمع" إلى الحكومة الحالية التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية، في حال إجراء تعديل حكومي، ليعوض حزب التقدم والاشتراكية الذي تضايقت قيادة العدالة والتنمية من تصريحاته الكثيرة لوسائل الإعلام وخاصة ما ورد منها على لسان الأمين العام للحزب، نبيل بن عبد الله، الذي يتقلد في الحكومة منصب وزير السكنى وسياسة المدينة. وتوضح "المساء" إن العدالة والتنمية مستاء من تصريحات صدرت عن بعض وزراء التقدم والاشتراكية، منتقدة إجراءات وقرارات اتخذتها حكومة بنكيران، فيما يتعلق بكشف أسماء المنتفعين من مأذونيات ورخص النقل (كريمات) أو موقفه من الجدل المثار بخصوص إصلاح قطاع الإعلام العمومي، متهما الإسلاميين بالانفراد بقرارات يجب أن تناقش من وجهة نظره داخل الحكومة بمكوناتها. ويصعب التأكيد والجزم بأن العلاقات الحزبية قد ساءت إلى هذه الدرجة بين العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، ما قد يمهد الطريق لمغادرة حزب الأحرار صفوف المعارضة، وبالتالي فقد لا يقدم "بنكيران" على تلك الخطوة بسرعة إلا بعد نفاد صبره، لأسباب سياسية وأخلاقية، أقلها أنه سيعاب عليه كونه فرط في التحالف الذي شكل على أساسه حكومته كما أن وجود حزب يساري في الحكومة يعد في حد ذاته طمأنة لمن يسمون في المغرب "المعسكر الحداثي". ولا يستبعد ملاحظون وقوف جهات تروج أخبارا من هذا القبيل خاصة وأن التجمع الوطني للأحرار يعقد مؤتمره العام حيث من المتوقع أن يتولى "مزوار" رئاسة الحزب من جديد في ظل غياب منافس قوي له خاصة وقد أزاح من الطريق الرئيس السابق مصطفى المنصوري، الذي راج في وقت أنه يهيئ للانتقام من غريمه مزوار، لأنه نظم انقلابا أبيض ضده حرمه من رئاسة الحزب ومجلس النواب، كما أن رهان مزوار بتكوين قطب ليبرالي في شكل ما سمي "مجموعة الثمانية" باء بالفشل الذريع وابتعدت عنه سائر المكونات الحزبية التي أغراها بالتحالف معه، أملا منها في الحصول على كعكة سياسية، لكن نتيجة الانتخابات التشريعية قلبت الموازين والحسابات وحملت الإسلاميين إلى صدارة المشهد الذي اعتقد مزوار أنه سيكون في مقدمته. وبرأي ملاحظين، فإن مزوار، بعد أن ضمن التهدئة داخل صفوف حزبه، ربما لوح للمؤتمرين باحتمال الانضمام إلى حكومة الإسلاميين تحت ذرائع المصلحة العليا للبلاد. وهنا سيلتقي مع بارونات الحزب الذين يعارضون اصطفاف التجمع في المعارضة، باعتباره حزبا وسطيا، لا يخفي ولاءه المطلق للنظام الملكي. وفي حال تحقق سيناريو مشاركة تجمع الأحرار في الحكومة الحالية، فإن بنكيران، سيعوض مصاعب بأخرى، على أساس أنه إذا كان الانسجام الفكري ممكنا مع إيديولوجية التجمع الليبرالية، فإن الصعوبة تكمن في الاتفاق مع زعامات التجمع وفي طليعتها رئيسه نفسه الذي يبدو أنه استعاد الثقة في نفسه لتجريب اللعب بأوراق أخرى.