"الخبر" تلمسان: نور الدين بلهواري ولد أحمد بن بلة في ريف مغنية بمنطقة الشيفر سنة 1916. ''الخبر'' عادت إلى بيته لاستطلاع حميمية المكان، وقصة حب الشاب أحمد المولع بلعب كرة القدم، ثم الرجل الثائر والرئيس، ثم المعارض الذي منعته الالتزامات والمحن من الاستقرار في المدينة التي أحب. عند مدخل حي المطمر العتيق بوسط مدينة مغنية، يدلك المارة على دار السي أحمد، والتي ليست سوى بيت أول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة أحمد بن بلة.. بيت يستمد قدمه من قدم حي المطمر، تشبه واجهته الرئيسية مدخل زاوية قرآنية، بابه الرئيسي الخشبي لم يتزحزح من مكانه منذ الخمسينيات من القرن الماضي. رافقنا إلى عين المكان أحد المقربين من محيط الرئيس، وكان أحد الذين زاروه في بيته بالعاصمة في آخر يوم من سنة 2011 لتقديم تهاني العام الجديد -رفض أن نذكر اسمه- وفضل أن نكتفي بالأحرف الأولى من الاسم واللقب: ن.ل. قال إنه احتراما لسي أحمد فإنه يرفض أن يذكر اسمه في الجريدة رغم أن الجميع بمغنية يعرف مدى علاقته بالرئيس. في هذا البيت قال محدثنا ''قضى أحمد بن بلة الشاب أزهى فترات عمره وشبابه قبل أن يلتحق بالحركة الوطنية ثم بجبهة التحرير الوطني''، مضيفا ''الجميع يحفظ تصريح شهير للرئيس بن بلة للعديد من وسائل الإعلام العالمية حين كشف عن أمنية العودة والاستقرار بمدينة مغنية، وبأن ارتشاف كأس شاي بأحد مقاهيها لا يعادله أي شيء في الدنيا''. إلا أن التزاماته الثورية والنضالية جعلته يغادر المدينة. لا أحد كان في استقباله لما أطلق سراحه في 1980 عاد بنا ''ن.ل'' إلى سنة 1980 يوم أفرج الرئيس بن جديد عن الرئيس المعتقل أحمد بن بلة، وكيف يتذكر ذلك الاستقبال العائلي عندما لم يجد الرئيس في استقباله سوى ابنتي أخته وأبناء إخوته، ودخل المكان رفقة ابنتيه بالتبني وزوجته، وكان المكان وحي المطمر كله محاطل بمصالح الأمن في الزي المدني، وأغلب السكان كانوا يتوجسون خيفة من الاقتراب من المكان المحاط بمخابرات الحزب الواحد. البيت يتكون من طابق وحيد لا يزال بلاطه القديم من فترة الخمسينيات، وقد حرصت زوجته الراحلة على المحافظة على هيئته القديمة عند ترميمه في سنة 2005 لاستقبال الضيوف، حفاظا على حميمية وذكريات المكان، وقد طلب بن بلة تخصيص يومين من البرنامج لطلبة القرآن الكريم في تلاوة جماعية على طريقة الآباء والأجداد. وقال لنا ''ن.ل'' إن بن بلة لم يمكث طويلا بمغنية في الثمانينيات بعد الإفراج عنه، فقد قصد البقاع المقدسة للحج ومن السعودية توجه إلى باريس أين أسس الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر، ولم يعد إلى أرض الوطن إلا بعد إقرار التعددية الحزبية عقب دستور 1989 ليظل في بيته العتيق بمغنية مركزا سجل أهم المحطات في الحياة الطويلة الرئيس. مليار سنتيم في بضعة أيام لتكريمه قبل أن يكون أحمد بن بلة رئيسا للجمهورية، وقبل أن يكون مناضلا ومجاهدا ثائرا فهو رياضي بارع في كرة القدم. ومن هذا المنطلق كانت فكرة تنظيم احتفالية ضخمة على شكل مباراة اعتزال لتكريم اللاعب الرئيس في مسقط رأسه بمدينة مغنية في ربيع .2005 مرافقنا إلى بيت الرئيس، قال لنا إن الجمعية التي تأسست من أجل هذا الغرض وبالتشاور مع أحمد بن بلة حول البرنامج وقائمة المدعوين خلال حفل التكريم، استطاعت أن تجمع في بضعة أيام أكثر من مليار سنتيم قبل أن يتدخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ويتكفل بمصاريف مباراة الاعتزال، ويرعاها ماديا ومعنويا ويحضر جزءا من فعالياتها. وكان الحضور الدولي مميزا في شخص المرحوم حسين الشافعي، نائب رئيس جمهورية مصر، وأبناء الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، هدى وخالد ناصر، والعقيد برافو من بوليفيا، ووزير العدل الأمريكي رامسي كلارك، والناشطة السويسرية المهتمة بالقضية الفلسطينية فرونسواز، والدكتور علي الحوامدة من الأردن. ويقول محدثنا إن الرئيس بن بلة ورغم تقدمه في السن فقد بقي متابعا متميزا لنشاط كرة القدم الجزائرية، فقد سأله سنة 2007 عن الضجة الإعلامية التي رافقت أزمة اتحاد مغنية وشبيبة تيارت حول أحقية الصعود إلى القسم الأول، وقال له أعرف الفساد الذي يعشش في بيت الفدرالية الجزائرية لكرة القدم، ولكنني لا أستطيع التدخل لصالح مغنية على حساب تيارت لأنني رئيس لكل الجزائريين.