الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار احتفى الوسط الإعلامي والثقافي بصدور كتاب الإعلامية بديعة ريان، المعنون ب ب "هذه أنا"، في حفل تكريم أقيم لها ليلة أمس في المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، وسط حشد من نجوم الثقافة والإعلام والفن. بدت بديعة ريان سعيدة، والبهجة تلتمع في عينيها، وهي تسمع كلمات الإطراء في حقها من طرف زملائها وزميلاتها القدامى، الذين شاركوها مسارها الإعلامي والفني، أولا كمذيعة، و ثانيا كممثلة شاركت في الإرهاصات الأولى لفرقة التمثيل الإذاعي. الممثلة أمينة رشيد،كادت تقول في بديعة ريان شعرا،فهي في نظرها بديعة في كل شيء، و"خلقها الله بديعة"،إذ يطابق الاسم المسمى، بديعة في خلقها الوسيم، وطبعها الكريم. واستعانت بطلة فيلم " فيها الملحة والسكر ومابغاتش تموت"، بأبيات شعرية لأحمد شوقي، عساها تسعفها في مدح المحتفى بها، أختا وصديقة ومذيعة لامعة وصحافية متمكنة. وقال خالد مشبال، الذي تولى كتابة مقدمة كتاب بديعة ريان،إن الذكريات كثيرة، ويصعب استعراضها كلها، في كلمة ارتجالية، مستشهدا بالبدايات الأولى للعمل الإذاعي والتلفزي في المغرب:" كنا قلة، نتعاون جميعا في إعداد نشرات الأخبار، وحمل الأشرطة على أكتافنا." واسترسل مشبال منوها ب" البصمات القوية " لبديعة، سواء أمام ميكروفون الإذاعة، أو تحت أضواء كاميرات التلفزيون ،إذ كانت تتميز بصوتها الجميل، وطلتها الأنيقة، وتسريحة شعرها، وتمكنها من سلامة النطق باللغة العربية،بشكل جيد،مشيرا في نفس الوقت إلى زوجها الإعلامي أحمد ريان، "الذي ظل يعيش في الظل، مع أنه كان منبعا لكثير من أعمالنا الإذاعية والتلفزيونية،كما كان منبعا لزوجته بديعة." وعبر الصديق احمد معنينو،الإعلامي القديم، والوجه التلفزيوني المعروف، عما كان يجمعه ببديعة من وشائج الزمالة المهنية، فقد كان يستمتع بوجودها حينما تكون إلى جانبه في " البلاطو"، نظرا لقدرتها على أداء عملها باقتدار وتميز. وتحدث الدكتور مصطفى بغداد، الأمين العام للنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، عن بديعة ريان، من خلال مشاركتها في العديد من المسرحيات الإذاعية، التي كتبها عبد الله شقرون لفرقة التمثيل الإذاعي. وقال إن ممثلات الشرق العربي دائما يسألنه عنها، في مختلف أسفاره، مثل سميرة البارودي وليلي طاهر، وكذا النجمة صابرين التي كانت بديعة مرافقة لها في زيارتها للمغرب، حينما كرمتها النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة،بعد تجسيدها لدور أم كلثوم في مسلسل تلفزيوني تابعه الملايين من المشاهدين العرب. وفجر بغداد نقطة من الأهمية بمكان، وهي أن تسجيلات البرامج الإذاعية القديمة لاوجود لها حاليا، وقال "إننا نعيش أزمة توثيق، وفي مسيس الحاجة إلى التوثيق"، حفاظا على الذاكرة الإذاعية والتلفزيونية من الضياع والاندثار. وانتقد عبد الرحمان العدوي، معد ومقدم برنامج " قضايا وأراء"الأسبوعي ،عدم وجود أي مؤشرات تنبيء باحتفال التلفزيون المغربي بالذكرى الخمسين لتأسيسه يوم 3 مارس المقبل، فلا لافتات ولا أي شيء يوحي بذلك، رغم أن الذكرى على الأبواب. وبعد أن طرح السؤال حول هذا التجاهل، قال العدوي، إنه من العار أن تمر هذه الذكرى بدون احتفال، مضيفا إن التلفزيون، في نظره، لايستحق هذه القطيعة مع الجمهور، داعيا إلى الاهتمام بجيل المؤسسين الرواد. وأضاف العدوي أن كرسي المذيع يجب أن يكون له احترامه، وأشار في هذا السياق، إلى بداية عمله في التلفزيون، "حين كان الصديق معنينو ، يترأس اجتماع التحرير اليومي لمدة ساعة أو ساعتين، بينما لايتعدى اجتماع التحرير اليوم أكثر من دقيقتين،" على حد قوله. وبعد أن ذكر العدوي بفضل الجيل القديم على الجيل الجديد من العاملين في التلفزيون، تساءل عن سر الاستغناء عن الإعلاميين القدماء،معبرا عن أسفه لغياب الرواد من الواجهة غم خبرتهم. و وصف المذيع القديم بأنه مثل النبيذ المعتق كلما ازداد قدما ارتفعت قيمته، مثل ماهو عليه الحال في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أن هناك برامج ونشرات إخبارية ترتبط بأسماء ووجوه معينة رغم كبرها في السن، لكن تجربتها جعلتها محط أنظار المشاهدين. ومن المفارقات التي كشفت عنها بديعة ريان،وهي تضحك، في حفل الاحتفاء بها، أنها طلبت من خالد مشبال كتابة التقديم قبل أن تكتب الكتاب، وقالت إنه ساعدها كثيرا في إخراجه إلى حيز الوجود. ووجهت بديعة في ختام الحفل تحية خاصة "إلى رفيق وصديق يحتل مكانة كبيرة في قلبي، وصوته كان يترافق مع صوتي، في نشرات الأخبار، وكنت اطلب دائما أن يكون إلى جانبي وراء الميكروفون، إنه الشاعر عبد الرفيع الجواهري، الذي تجشم عناء السفر من مراكش إلى الرباط، ليشاركني هذا اللقاء.." وذكرت بديعة أن عنوان الكتاب " هذه أنا"من اقتراح زوجها احمد ريان، ويتضمن بين دفتيه استرجاعا لما عاشته من ذكريات معززة بالصور عن مسارها الإعلامي ، منذ أن وطأت قدماها زنقة دار البريهي حيث يتواجد مبنى الإذاعة والتلفزيون. تجدر الإشارة إلى أن ذكريات بديعة فيها الحلو والمر..ومن أقسى اللحظات التي عاشتها في حياتها الإعلامية يوم تم طردها من العمل في عهد المرحوم إدريس البصري، وزير الداخلية ،حين أضيفت إليه حقيبة الإعلام أيضا. وقالت بديعة إن مرد ذلك يعود لكونها رفضت أن تكتب تقارير ضد زملائها، لأن قيمها وأخلاقها لاتسمح لها بارتكاب هذا الفعل، ولزمت بيتها، والخوف يسكنها، ولم تتخلص من وطأة هذا الكابوس، إلا عندما علم الملك الراحل الحسن الثاني بتلك الواقعة،عن طريق الصحافة، فاستدعاها وأرسلها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للعلاج من هول تلك الصدمة.