عودة "الدب" الروسي و"الباندا" الصينية نزار قباني في مجلس الأمن مبارك وحذاء الرئيس " تيتو " 1- الحرب علي إيران : لا تفعلها يا" بيبي " أعلن وزير الدفاع الأمريكي بانيتا في مؤتمر صحفي عقده إثر جولته الأخيرة التي قادته لعدد من الدول الأوروبية أن إيران ستكون قادرة علي صنع قنبلة نووية في ظرف سنة قادمة ، وأن الإدارة الأمريكية لن تسمح بذلك . ولكن الوزير - في حديث خاص لصحفي في جريدة الواشنطن بوست - أبدي خشيته من أن إسرائيل قد تقوم بهجوم علي إيران في الربيع القادم أو في بداية الصيف ، وبالضبط في شهر مايو أو يونيو من هذه السنة . الخشية الأمريكية يؤكدها سيل التصريحات الجارف التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون من علي منابر " منتدي هرتزيليا " الذي أصبح ينافس " منتدي دافوس ". ، والتي ذهبت في تهويلاتها إلي أن إيران أصبحت قادرة علي تصنيع أربع قنابل نووية ، في ظرف وجيز ، إن لم تتداراكها الجيش الإسرائيلي بضربة من عنده . بل إن قادة الجيش الإسرائيلي ذهبوا أبعد من ذلك و عرضوا علنا خرائط لسبعة وعشرين موقعا نوويا سيتم استهدافها بما في ذلك موقع " فوردو " الأكثر تحصينا . هذه التهديدات أغضبت "روبرت فيسك" فكتب في صحيفة " ليندبندت" لبريطانية مقالا تحت عنوان " أيها الغرب كفي نفاقا " ، ذكَّر فيه الغربيين بأن المشروع النووي الإيراني بدأ في عصر الشاه بمباركة الغرب وأن الأمبرطور المقبور كان يسعي علنا للحصول علي السلاح النووي دون أن يعترض عليه أحد منهم ، بل إنهم كانوا يباركون مشروعه ويدعمونه سرا وجهرا ، وأن الثورة الإسلامية هي التي أوقفت هذا المشروع وتخلت عنه ، وأفتي الخميني بحرمة السلاح النووي . وقال إن التصعيد في اللهجة الإسرائيلية الآن هي شنشنة نعرفها من نتانياهو ، والهدف منها ابتزاز الدول الغربية لممارسة المزيد من الضغوط علي إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس للإطاحة بهذا المحور الذي يواجه مصاعب في الوقوف في وجه التغيرات الجيوستراتيجية التي تعصف بالمنطقة . أما الكاتب اليهودي" روجر كوهين" فقد كتب في صحيفة "نيورك تايمز" مقالا تحت عنوان : لا تفعلها يا "بيبي " ، تحدث فيه عن العلاقات المتوترة التي تربط بين "نتانياهو" والرئيس الأمريكي "باراك أوبوما" ، ولم يستبعد الكاتب أن يستغل" نتانياهو" الحملة الإنتخابية الرئاسية في أمريكا لإحراج" أوبوما" ، فيغامر بهجومه الذي طالما هدد به علي إيران ، مستغلا قوة اللوبي اليهودي في آمريكا . إلا أن هذه المغامرة – كما يري الكاتب – ليست مضمونة النتائج . فأوبوما قد يعود رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية ، وهذا لن يصب في صالح " بيبي " شخصيا ، ولن يكون ذلك أيضا في صالح إسرائيل لا علي المديين القريب والمتوسط ولا حتى علي المدي البعيد وذلك لاسباب كثيرة : فأي هجوم إسرائيلي علي المنشآت النووية الإيرانية سيوحد هذه الدولة الكبيرة المترامية الأطراف بدافع الغضب، وسيؤدي الى انغلاق الجمهورية الاسلامية لمدة طويلة، وسيعزز النظام السوري، وسيدفع بالعالم العربي الى التطرف في فترة تحول حساس، وسيشعل غضب حزب الله على الحدود اللبنانية، ويعزز حماس ويخاطر بالقوات الاميركية في المنطقة، ويحرض على الارهاب، ويرفع اسعار النفط الى مستويات عالية، ويشعل فتيل حرب اقليمية محتملة، ويقدم حبل النجاة الى ايران في الوقت الذي توشك فيه اوروبا على وقف شراء نفطها، ويضيف ثأرا فارسيا الى الثأر العربي من اسرائيل، ويمكن في أحسن الاحوال أن يعرقل طموحات ايران النووية لبضع سنين. ولكن هل ستقتصر ساحة الحرب فقط علي الجبهة الإيرانية ؟ الجواب بالنفي ، بل ستمتد أول ما تمتد إلي الجبهة اللبنانية التي لن يظل حزب الله فيها متفرجا ، وهذا ما تتوقعه إسرائيل وتستعد له حسب ما كشفته صحيفة " الديلي تلغراف " في تقرير كتبه مراسلها " كون كافلين " من الحدود الإسرائيلية اللبنانية . ويقول التقرير إن الإسرائيليين عازمون هذه المرة علي القضاء علي حزب الله قضاءا نهائيا ، وهذا ما لن يقبله السوريون الذين سيدخلون مع حلفائهم معركة مصيرية قد يتسع لهيبها ليحرق المنطقة بأكملها . 2- الأزمة السورية : عودة الدب الروسي والباندا الصينية خصصت الصحف العربية والدولية الصادرة هذا الأسبوع مساحة كبيرة للفيتو المزدوج الذي واجهت به روسيا والصين المشروع العربي – الغربي لحل الأزمة السورية . الكثير من المحللين رأوا في المواجهة الشرسة التي جرت في مجلس لأمن عودة للدب الروسي والباندا الصينية إلي الساحة الدولية، في ظل تغيرات جيوستراتيجية عالمية عنوانها الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالغرب، وانكفاء القوة العسكرية الأمريكية، التي أنهكتها حروب العراق وأفغانستان . ويتفق المحللون علي أن الموقف الغربي المساند للمبادرة العربية ، لم تحركه العواطف الإنسانية، ولا الدوافع الأخلاقية، ولا المثل الفكرية ، ولا حب العرب والمسلمين . كما أن الفيتو الروسي الصيني، لم يكن باعثه الحب العذري لنظام الأسد ، فالمصلحة والمصلحة وحدها، ولا شيئ غيرها ، هي الدافع وراء مواقف هؤلاء وأولائك . وفي هذا الموضوع كتبت صحيفة الدستور الأردنية تحت عنوان " الفيتو بين سوريا وفلسطين وفضائح النظام الدولي " : إن دموع التماسيح التي أريقت في عواصم الغرب علي الفيتو الروسي والصيني تكشف بوضوح أن هذا الغرب لا يهمه إلا مصالحه ، أين كان ضمير فرنسا وأمريكا وابريطانيا من حرب غزة ؟ أين كانوا من مئات المجازر التي ارتكبت في حق الفسلطينيين .. نعم من حق الشعب السوري أن يطلب حقوقه ولكن ليس من باب النفاق الغربي الأمريكي .. ما جري في مجلس الأمن الدولي يشير بوضوح إلي فضيحة النفاق الدولي ، وانحيازه لمصالحه فقط بعيدا عن مصالح الشعوب وحقها بالحياة . إن الرهان على الحل الغربي، في الموضوع السوري رهان خاسر، لأن الغرب لا تعنيه الدماء السورية، وأن دموع التماسيح، التي تذرف في مجلس الأمن، لا يعني أصحابها إلا الغنيمة، بعد أن تضع الحرب أوزارها في سوريا، وكذلك أمن إسرائيل ومصالحها، الحاضرة دوماً، في الذهن الغربي. صحيفة " هارتس الأسرائيلية نظرت هي الأخري إلي الفيتو من منظار الصراع الروسي الأمريكي في المنطقة تقول الصحيفة لقد أعلن لافروف قبل عدة ايام أن «روسيا لا ترى الاسد حليفا وهي ليست عاشقة له»، لكنها تريد حلا سوريا للازمة لا حلا امريكيا. واذا وجد شخص ما ليقرر هل يمضي الاسد ومتى، فسيكون بوتين لا اوباما. وما تزال روسيا تؤمن بقدرة الاسد على البقاء وهي تبذل على الأقل جهدا لصد «سيطرة» الغرب على الربيع العربي. لكن الصحيفة تري أن المقترح العربي حتى ولو تمت المصادقة عليه فلن يغير شيئا علي أرض الواقع ، فالمعارضة السورية لن توافق علي الحوار مع الأسد قبل أن يتنحي ، والأسد لا يفكر في ذلك ما دام 80% من الجيش يأتمرون بإمرته ، والجيش الحر المنقسم علي نفسه بين قيادات متناحرة علي الزعامة لن يتخلي هو الآخر عن سلاحه . وكتب غسان شربل في صحيفة الحياة مقالا تحت عنوان " حقيبة لافروف " ، رأي فيه أن الهدف من الفيتو المزدوج هو توجيه رسالتين لآمريكا : رسالة من روسيا تقول فيها : أنت لست هي الاعب الوحيد في الشرق الأوسط ، ورسيا لن تتساهل في مصير آخر موقع لها في المنطقة . أما الصين التي تتعامل مع الأزمة السورية وعينها علي النفط الإيراني فأرادت أن تقول لأمريكا : كفي أنانية .. عليك أن تفكري في مصالح الآخري ويختم بالقول إن السؤال الملحّ الآن يتعلق بحقيبة لافروف. بأي مطالب سيصل الى دمشق وبأي أجوبة سيعود منها؟ مع التأكيد دمشق لا تستطيع التعامل مع حقيبة لافروف كما تعاملت مع حقيبة نبيل العربي! . أما طلال سلمان فقد كتب في صحيفة السفير تحت عنوان : الإصلاح هو الحل .. أما الفيتو فلحماية سوريا، أن ما وقع في مجلس الأمن لم يكن انتصارا للنظام السوري في مواجهة مطالب شعبه المحقة ، ذلك لأن الشعب السوري لم يرفع قضيته إلي مجلس الأمن لانه لا يري أصلا في هذا المجلس مرجعا للعدالة، بل هو مجلس للظلم كما يشهد علي ذلك تاريخ طويل من الفيتوهات الأمريكية والفرنسية والإبريطانية ضد القضية الفلسطينية . أما من صادر المسألة السورية ورفعها إلي مجلس الأمن فهو من صادر الأرض الليبية وقدمها قربانا للدول الغربية وحزب النيتو . لم يكن الفيتو إنقاذا لكرامة الشعب السوري ، ولكنه كان إنقاذا لكرامة دولتين عانتا ولا زالتا تعانيان من حصار أمريكي أوروبي يمنعانهما من حقهما في أن تحتلا مكانتهما في العالم . 3- نزار قباني في مجلس الأمن أسدل الستار علي نقاش الأزمة السورية في مجلس الأمن ، لكن كلمة السفير السوري الدكتور بشار الجعفري التي ألقاها في الجلسة العلنية والتي استهلها ببيت من قصيدة لنزار قباني أنشدها سنة 1971 في مهرجان الشعر العربي بدمشق، فتحت نقاشا من نوع آخر علي أعمدة ألصحف و صفحات التواصل الإجتماعي ومواقع الدردشة ، بين المعارضين للنظام السوري والمدافعين عنه . ولقد افتتحت هذه المعركة رنا قباني إبنة أخ الشارع نزار قباني التي كتبت إلي جريدة القدس العربي الصادرة من لندن تحتج علي استغلال شعر عمها لدعم طاغية يقتل شعبه كما قالت في رسالتها . إلا أن الكاتب نارام سرجون رد عليها بمقال عنيف، أتهمها فيه بأنها تريد أن تحاصر شعر نزار قباني، وأن تشارك في الحصار الخليجي علي الشعب السوري وأنها تحولت إلي ناطور من نواطير الشعر التي حاربها نزار قباني وخاطبها قائلا :" "القصيدة يا رنا هي أنثى جميلة لاتستطيع الا أن تحبها أعين الرجال، ولاتستطيع قوة في الأرض أن تمنع قلوبهم من الخفقان لسماع صوتها، ورؤية محياها خاصة اذا كانت لاهبة ملتهبة .. ومافعلته يا دكتورة رنا هو انك تريدين فرض النقاب والبرقع الطالباني على القصائد كيلا تفتن بهن قلوب الرجال .. ويبدو أن القصائد صارت تخضع لقوانين الخلوة الشرعية .. وأن الفتاوى لم تعد مقصورة على القرضاوي بل صار للشعر مفتوه وقرضاويوه .. ويبدو أن ثقافة العرعور هي التي هزمت ثقافة نزار قباني. " وتمني سرحون أن لا تفتح أبواب السماء كيلا تصل أخبار رنا الى نزار في عليائه، لأنه سيختار الانتحار في النار على البقاء خالدا في الجنة !. 4- مبارك وحذاء" تيتو " في كتاب حسنين هيكل " مبارك وزمانه : من المنصة إلي الميدان " الذي يصدر علي حلقات في صحيفة الشروق المصرية ، خصص هيكل الحلقة الثامنة للهواجس والشكوك التي كانت تنتابه وتنتاب غيره من المتتبعين للشأن المصري حول قدرة مبارك وأهليته لقيادة مصر وهي شكوك لها ما يبررها في بعض " الأحداث الصغيرة " التي كان مبارك بطلها، في الفترة التي كان فيها نائبا للرئيس . من تلك الأحداث قصته مع الملك الحسين عندما بعثه إليه السادات برسالة حول موضوع يتعلق بالعلاقات بين البلدين ، وعندما أستفسره الملك عن بعض جوانب الموضوع بدا عليه الإرتباك، وأخذ يقلب أوراقه ثم قال له : " لا أعرف، ولكن هذا هو المكتوب أمامى، وعندما أعود إلى القاهرة فسوف أسأل الرئيس «السادات» عن مقصده، وأرجوه أن يكتب إليكم»!!». وعقب الملك حسين علي تلك الحادثة – حسب رواية هيكل - بقوله إنه لم يستطع أن يفهم هل مبارك نائب لرئيس الجمهورية أو مجرد حامل حقيبة يلتزم، بأوراق كتبها بخطه، ومع ذلك لا يستطيع شرحها؟ !!. أما القصة الثانية فرواها سفير مصر في يوغسلافيا، وأسرها لهيكل. وهي أن مبارك عندما بعثه السادات برسالة إلي" تيتو " ظل طيلة وقت المقابلة التي دامت ساعة تقريبا، شارد الذهن وعندما خرجا من القابلة ودخلا معا في السيارة، بادر مبارك قائلا للسفير :" هل تعرف من أين يأتي تيتو بأحذيته ؟ ، فأنا طول المقابلة لم أرفع نظري عن حذائذه إنه بديع ، أريد أن تستوضح لي من حاشيته : هل اشتراه جاهزا أم فصل عليه ؟ " . وختم مبارك حديثه بالقول إن هوايته الرئيسية هي الأحذية " الحلوة " ! . وتتكرر قصة الأحذية مع السياسي المصري المخضرم " فتحي رضوان" الذي استدعاه مبارك للتشاور معه ، وجهز " فتحي" ملفا كاملا عن أهم القضايا الرئيسية التي تواجه مصر والتي يعتقد أن الرئيس حسني مبارك سيناقشه فيها . وبعد رحلة متعبة في السيارة، ثم في الطائرة . وبعد انتظار طويل عندما التقي به فاتحه "مبارك" قائلا : " تصدَّق بالله يا «فتحى» بيه أنا لا أزال وأنا رئيس الجمهورية أمسح حذائى صباح كل يوم بنفسى، أجلس على الأرض، وأمسح الحذاء بالورنيش، ثم الفرشة، وبعدها قطيفة ألمعه بها " . ويشرح له " فتحي رضوان" أن رئيس الدولة لا يصح له تضييع وقته فى مسح حذائه، فيقاطعه «مبارك» قائلا: " هذه من عوائدى كل يوم، حتى وأنا تلميذ فى ابتدائى، وحتى أصبحت قائدا للطيران، ونائبا لرئيس الجمهورية، والآن رئيسا لمصر " !. ..ولم يزد علي هذا الحديث .. ثم ودَّعه ...! ووعده بمواصلة الحديث في فرصة قادمة ....! .