الرباط "مغارب كم ": محمد بوخزار نعى المغرب عالم اللغة والحضارة، البروفيسور عبد العزيز بنعبد الله، الذي وافته المنية يوم السبت بمدينة الرباط وهو في حوالي التاسعة والثمانين عاما إذ أنه من مواليد 28 نوفمبر عام 1923. وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة إلى عائلة الفقيد أشاد فيها بوطنيته الصادقة وعلمه الغزير وبوفاة بنعبد الله، الذي انزوى في السنوات الأخيرة عن أضواء الساحة الفكرية والثقافية العامة، مؤثرا مواصلة البحث في منزله، يفقد المغرب أحد الإعلام الكبار الذين أغنوا تاريخه العلمي والفكري الحديث بالنظر إلى الآثار العلمية الغزيرة والقيمة التي خلفها الراحل والمقدرة بحوالي مائة مصنف، انصب أغلبها على اللغة بفروعها والحضارة، بعضها حرره باللغة الفرنسية . ويرتبط اسم الراحل بمؤسسة "مكتب تنسيق التعريب في العالم العربي "ومقره الرباط الذي أنشأته جامعة الدول العربية عام 1962 باقتراح من، بنعبد الله ،وكان حينئذ العضو الفاعل والنشيط في عدد من المجامع اللغوية العربية ، ما أهله لإدارة المؤسسة التي اقترنت باسمه طوال ربع قرن . وقيل إن المنظمة لم تحسن وداع الرجل وإنهاء خدمته بكرامة وطبقت عليه معايير البيروقراطية الإدارية العمياء وهو الذي صرف جهدا كبيرا من حياته من أجل إكساب الصفة العلمية التي اكتسبها مكتب التعريب كأحد المشاريع العلمية الناجحة التي أحدثتها الجامعة العربية ، بفضل ما انتجه المكتب من أبحاث رائدة بتوجيه من الراحل من كتب ومنشورات وأبحاث رائدة عن اللغة العربية . ولعل أشهر الدوريات مجلة "اللسان العربي" التي ما زالت تصدر حتى الآن وتعد مرجعا في الدراسات اللغوية . وأصدر معهد التعريب بالرباط عددا من المشاريع المعجمية في أصناف المعرفة العلمية والاقتصادية والتقنية والطبية والفكرية بصفة عامة، مزدوجة أو ثلاثية اللغة، استطاعت أن تجد حلولا علمية وعملية لبعض لإشكالات المصطلحات وتعريبها عن اللغات الأجنبية وفق منهجية تحافظ على معنى المصطلح في لغته الأصل ولا تخل بخصوصيات اللغة العربية. وبالتأمل في السيرة العلمية للراحل الكبير، نكتشف أنه شغل مناصب إدارية بعيدة عن تخصصه الأصلي اللغة والحضارة ، إذ استعانت الدولة المغربية الحديثة بخبرته وإتقانه للغة الفرنسية فأسندت له عام 1957 إدارة المحافظة العقارية، كما شغل الراحل وظائف أخرى بينها مديرية التعليم العالي والبحث العلمي وكان أستاذا محاضرا بالجامعة المغربية منذ تأسيسها ومنها ذاع صيته كعالم مجتهد وباحث صبور، فاستضافته عدة جامعات عربية وأجنبية، حاضر في مدرجاتها .ويعتبر بتلك الصفة أحد المؤسسين لأكاديمية المملكة المغربية. وعلى صعيد آخر ، يرمز الراحل إلى العلاقات الثقافية التي كانت قائمة بين المغرب والجزائر في ظل الاستعمار الفرنسي ، فهو خريج الجامعة الجزائرية ومنها أحرز على شهادة الليسانس في الأربعينيات من القرن الماضي ،إلى جانب نخبة أخرى من الشبان المغاربة الذين أمكنهم متابعة دراستهم العليا بجارة المغرب الشرقية لأن المغرب لم تؤسس به جامعة إلا بعد الاستقلال .ومن بين هؤلاء على سبيل المثال الزعيم اليساري الراحل المهدي بنبركة المتخصص في العلوم الرياضية . نال الراحل عدة أوسمة وشهادات تقدير من عدة محافل علمية وأكاديمية ، وكان إلى جنب تضلعه في علوم اللغة ، ذا موهبة أدبية ساعدته على قرض الشعر و كتابة السرد القصصي. وباختصار فإنه علم من أعلام الفكر في المغرب المعاصر . رحمه الله