أثير ليلة أمس جدل في برنامج تلفزيوني حول 50 ألف جمعية تنشط في المغرب، بحضور الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. وقد تباينت أراء المشاهدين حول أدوار المجتمع المدني من خلال الرسائل النصية المكتوبة أسفل الشاشة الصغيرة ، أثناء بث برنامج"قضايا وأراء". البعض أكد أهمية إشراك المجتمع المدني، كقوة اقتراحية، في مواكبة السياسة العامة، فيما رأى أخرون أن إشراك المجتمع المدني مرتبط بوجود إرادة سياسية لدى الحكومة الجديدة، وان نجاحها رهين بتفعيل دور المجتمع المدني. واستكثر أخرون، وضمنهم بعض ضيوف البرنامج الحاضرين، وجود ماعتبروه عددا كبيرا لمكونات المجتمع المدني، داعين إلى إخضاعها للغربلة وللمراقبة، وخاصة في كيفية صرفها وتلقيها للتمويل، لاسيما إذا كان مصدره اجنبيا،مايفرض على المجلس الأعلى للحسابات افتحاص مالية الجمعيات. إلى ذلك، اعتبر الوزير الشوباني، أن عدد الجمعيات في المغرب غير كبير ،كما قد يعتقد البعض،نظرا لعدد ساكنة المغرب، ولحجم المشاكل والتحديات المطروحة في العديد من المجالات الاجتماعية والتربوية كالتعليم وغيره، والتي تستدعي النهوض بها، وإعطاءها العناية اللازمة بها. وضرب الوزير بعض الأمثلة، ومنها حالة بعض المدارس، التي تفتقر إلى العديد من المرافق، وكذا "المقابر التي توجد في وضعية كارثية، حيث أصبحت ملاذا للموبقات ولارتكاب الجرائم،" متسائلا :أين هي الجمعيات المهتمة بها، وبمواجهة انتشار ظاهرة المخدرات، وغيرها من الظواهر التي يحبل بها المجتمع. وبدورها تطرقت عائشة الخماس، من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى الحديث عن عدد الجمعيات، ملمحة إلى أن اشتغال بعضها قد يكون موسميا،لكنها بالمقابل أكدت أهمية المجتمع المدني، مشيرة إلى أن دسترته تتويج له، ولمساهمته في بلورة الدستور الجديد. وعبر مصطفى أسلالو، عضو المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية،هو الأخر،عن اعتقاده بأن عدد 50 ألف جمعية غير كاف لحل مشاكل العالم القروي الذي يشكو خصاصا ملحوظا في الكثير من المجالات لاسيما على مستوى البنية التحتية والاحتياجات الأساسية. ولدى تطرقه لمسألة تمويل الجمعيات، كشف أسلالو أن بعض المنتخبين،وخاصة في بعض الجماعات،لايمنحون الدعم المادي سوى للجمعيات الموالية لهم، مؤكدا "أن المجتمع المدني يعطي أكثر في ظل الديمقراطية التشاركية". وأبرز اسماعيل الحمراوي، رئيس منتدى الشباب المغربي، أن الجمعيات تقوم بدور أهم مما تلعبه الدولة، خاصة في المناطق النائية، ولو بإمكانيات محدودة،متمنيا إفساح المجال امام الشباب للمشاركة في تنزيل الدستور. ومن جهتها أوضحت رقية أشبال،عضو منتدى المواطنة، أن وظيفة المجتمع المدني وظيفة تشاركية،وفق منطوق الدستور، معبرة عن الأمل في إشراكه في إعداد السياسة العامة للبلاد، انطلاقا من المراحل الأساسية، في إشارة إلى البرنامج الحكومي. وتضمنت مداخلة فتيحة العيادي من حزب الأصالة والمعاصرة، "احتجاج المجتمع المدني على وجود إمراة واحدة في الحكومة"، وأضافت أن دور المجتمع المدني يجب أن ينعكس على التشكيلة الحكومية،قبل أن تدعو الله بأن يكون في عون الوزير،المكلف بالبرلمان والمجتمع المدني،ملمحة إلى ثقل المسؤولية التي يتحملها. وقد اعترف الشوباني فعلا بضعف تمثيلية المرأة في الحكومة، وقال"يجب على الأحزاب أن تتحمل مسؤوليتها."وأوضح ان عمل وزاراته ينصب أساسا على إيجاد الترابط بين البرلمان والحكومة والمجتمع المدني. وألح أكثر من مرة، على وجوب محاربة ماأسماه" معضلة الفساد والاستبداد،" وعلى استرجاع السياسة لوهجها. وابرز أن السؤال المطروح هو: "كيف ننتقل بالدستور إلى مجموعة من القوانين التنظيمية لإعطاء المجتمع المدني بعدا جديدا لإفساح المجال أمام المواطنين لمواكبة وتتبع السياسة العمومية والمساهمة في صناعتها. وبخصوص البرنامج الحكومي الذي يعرض صباح غد على البرلمان، قال الشوباني، إنه يتضمن التزامات مدققة، وهو نتيجة عمل تشاركي واسع. وختم مداخلته في نهاية البرنامج بالتأكيد على أن هذه الحكومة تنطلق من أرضية شعبية، وأرضية دستورية، وخبرة مجتمعية مدنية، مايجعل المرء يشعر بأن البرنامج الحكومي سوف يمهد لصناعة وبناء مغرب جديد.