أكد عباس الفاسي رئيس الوزراء المغرب، أن سفير بلاده المعين لدى المملكة الإسبانية، سيلتحق بمنصبه الدبلوماسي في العاصمة مدريد في غضون الأسابيع المقبلة، دون أن يحدد موعدا مضبوطا. على اعتبار أن السفير الجديد يحتاج إلى وقت معقول يهيئ فيه نفسه للانتقال إلى بلد آخر، كما يلزمه اعداد الطاقم الذي سيساعده في مهامه بالسفارة. وورد هذا التأكيد في تصريح أدلى به الفاسي، أخيرا ،أثناء مثوله أمام الصحافة في الرباط إلى جانب محامي الشعب الإسباني "إنريكي موخيكا"، وهو وزير عدل سابق والذي زار المغرب. ويضع هذا الإعلان الرسمي من الجانب المغربي حدا للتحفظ الذي قيل إن مدريد أبدته بصورة غير صريحة، على تعيين أحمد ولد سويلم، القيادي السابق النافذ في جبهة البوليساريو، الداعية إلى انفصال الصحراء عن المغرب ،الذي فر في وقت سابق من المخيمات التابعة للجبهة والتحق بالمغرب، على غرار عدد من الكوادر والقيادات السياسية والأمنية والعسكرية التي اكتشفت مع مرور الوقت سراب إقامة دولة فوق رمال الصحراء التي تخضع للسيادة المغربية. وفي معرض تصريحه، قال رئيس وزراء المغرب إن مدريد وافقت على اعتماد، ولد سويلم (59 سنة) ممثلا لبلاده في العاصمة الإسبانية. وطبقا لما سبق أن أشارت إليه عدة مصادر إعلامية منذ تسريب خبر قرار المغرب تعيين، ولد سويلم، في مدريد، فإن هذه الأخيرة تخوفت من أن يهيمن نزاع الصحراء على ملفات التعاون الثنائي بين الرباطومدريد ، بالنظر إلى أن سفير المغرب الجديد، يعلم علم اليقين نوعية العلاقات الخاصة التي تربط جبهة البوليساريو، بقطاعات حكومية وحزبية ومع الرأي العام الإسباني؛ إذ من المعروف في هذا الصدد أن مدريد التي لا تخفي أن غالبية المساعدات المالية والإنسانية واللوجيستكية التي تتوصل بها الجبهة الانفصالية وتشكل مصدر عيشها واستمرارها إنما تأتي من إسبانيا، بل إن بعض المناطق الإسبانية التي تسيرها حكومات محلية إقليمية، تتنافس فيما بينها بشكل مريب ولافت، في عرض خدماتها السخية على جبهة البوليساريو. ومن المؤكد أن السفير المغربي الجديد في مدريد، يعرف التقنيات والآليات ونوعية الارتباطات السرية والعلنية التي جعلت "البوليساريو" المنظمة المدللة من طرف الإسبان، سواء كانوا من اليمين أو اليسار وحتى الوسط. وفي هذا السياق، وردت إشارة في تصريحات الفاسي، مفادها أن سفراء المغرب لدى الجارة الإسبانية، تمتعوا دائما بثقة ملك البلاد، وكأنه يريد أن يفهم الإسبان أن قرار اختيار ولد سويلم، يعود أساسا وفي المقام الأول إلى الملك محمد السادس، الذي يشرف بحكم الدستور على توجيه السياسة الخارجية للمملكة. إلى ذلك، يرى مراقبون أن قبول مدريد، بعد تردد، السفير الجديد، يدل على الندية في التعامل التي اتخذها المغرب حيال إسبانيا ما جعله لا يتراجع عن القرار السيادي المتخذ. وعلى الرغم من أن الرباط، ربما تكون شاعرة ببعض المصاعب التي يمكن أن يواجهها في البداية سفيرها الصحراوي لدى إسبانيا، فإنه لم يكن مفر من الإقدام على هذه الخطوة الجريئة، كونها تبرهن على أن المغرب ليس له أي تحفظ أو توجس من مواطنيه الصحراويين الذي عادوا طواعية إلى وطنهم وأنه في إمكانهم تقلد أسمى المناصب والمسؤوليات في الداخل والخارج ، وهو أمر لا يمكن لجبهة البوليساريو أن تجادل فيه ولا تستطيع أن تأتي مثله. إلى ذلك، يعتمد نجاح الدبلوماسي، ولد سويلم، في مهامه الدقيقة، على المهارة وعدم السقوط في الفخاخ وخاصة الإعلامية التي يجوز أن ينصبها له في الطريق، مساندو جبهة البوليساريو، المنتشرون في وسائل الإعلام الإسبانية، التي لا تكن كما هو معروف، ودا للمغرب. لكنه بذات الوقت يمكن أن يكون جسر تطبيع وصلة وصل بين بلاده وتلك الصحافة التي سيصعب عليها المزايدة على المغرب. لكن الأهم من ذلك، أن السفير يمكن أن يحول السفارة إلى خيمة دبلوماسية لاستقطاب العناصر الصحراوية التي يقول المغرب إنها مضللة أو مغرر بها، لكي يفتح معها حوارا بدون قيود ووفق التقاليد العريقة في الصحراء حيث اعتاد سكانها منذ القديم على حل المشاكل المستعصية وهم ملتفون حول صينية الشاي. يبدو أن هذا ما تتخوف منه إسبانيا وتخشاه جبهة البوليساريو.