عبر صحفيون ومحللون اليوم الأربعاء عن تفاؤل حذر بعد تعيين أول حكومة اسلامية في تاريخ المغرب جاءت في ظل احتجاجات «الربيع العربي» في حين عبر البعض عن خيبة الأمل. وعين العاهل المغربي محمد السادس أمس الثلاثاء أعضاء الحكومة الجديدة على رأسهم الوزير الاول عبد الالاه بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 نوفمبر بحصوله على 107 مقاعد. واستأثر حزب العدالة والتنمية بأكبر عدد من المناصب الحكومية، 11 منصبا، مقارنة بالأحزاب الثلاثة الأخرى المتحالفة معه وهي حزب الاستقلال، 6 مناصب، وحزب الحركة الشعبية ،4 مناصب، وحزب التقدم والاشتراكية ، 4 مناصب. كما عينت شخصيات لا تنتمي لاحزاب سياسية في مناصب حكومية ليبلغ مجموع الوزراء 31 وزيرا. وعلق المحلل السياسي المغربي محمد ضريف بالقول ان التوقعات «كانت كبيرة بالنسبة لتشكيل هذه الحكومة لانها جاءت في ظرف الربيع العربي وحراك الشارع المغربي». وأضاف في اتصال هاتفي مع رويترز «هناك خيبة كبيرة لان كل ما قاله رئيس الحكومة عبد الالاه بن كيران لم يتحقق». وقال ان أول هذه الأشياء التي لم تتحقق هي تقليص عدد الحقائب الوزارية حيث بلغت في النهاية 31 في حين كان بن كيران قد صرح في وقت سابق أنه يمكن تقليص عدد الحقائب الوزارية الى 20 منصب كحد أدنى. وأضاف كما أن تشكيلة الحكومة تغيرت أكثر من مرة بسبب مستشاري الملك. وقال «في اخر المطاف ظهر أن محيط الملك تحفظ على العديد من الاسماء». وقال ضريف أن «أكبر خيبة أمل هي وجود امرأة واحدة وزيرة». وكانت الحكومة السابقة تضم سبع وزيرات كما ضمت حكومات سابقة نساء. ومن جهتها قالت صحيفة الصباح المستقلة في عددها الصادر اليوم «أول ملاحظة ذات بعد سياسي نرى أن الحكومة الجديدة تضم امرأة وحيدة وهو ما يمكن اعتباره تراجعا كبيرا مقارنة مع الحكومة السابقة». وأضافت الافتتاحية «هذا يعني أن أحزاب التحالف الحكومي لم تقتنع بأهمية دور المرأة». ومن جهتها كتبت صحيفة المساء المستقلة التي يوجد رئيسها المؤسس في السجن «حكومة بن كيران والاحزاب الثلاثة اليوم أمام المحك. انها باكورة حكومات مغرب ما بعد دستور 2011. وهو أول دستور في عهد الملك محمد السادس. ويعلق عليه المغاربة أمالا عريضة». جاءت هذه الحكومة بعد الانتخابات التشريعية المبكرة في 25 نوفمبر الماضي. ويعلق كثير من المغاربة أمالا كبيرة على الحكومة الجديدة بعد وعود بالاصلاح اثر احتجاجات الربيع العربي التي وصل تأثيرها الى المغرب تمثلت في خروج عدد من الشباب خاصة شباب حركة 20 فبراير مطالبين بالاصلاح ومحاربة الفساد ودستور جديد. وكان العاهل المغربي قد طرح الدستور الجديد للاستفتاء في يوليو تموز الماضي وحصل على موافقة الاغلبية. لكن عددا من النشطاء والحقوقيين اعتبروه «دستورا ممنوحا» كغيره من الدساتير وليس منبثقا من الشعب باعتبار أن العاهل المغربي عين لجنة لصياغة نسخته الجديدة. وقالت سلمى شرف الطالبة الجامعية، 23 عاما، وهي تطالع عناوين الصحف في الشارع الرئيسي بالعاصمة «أظن أنه من السابق لاوانه تقييم الحكومة الحالية خصوصا أن الهم الرئيس للمغاربة هو ما ستقدمه هذه الحكومة من عمل وليس تشكيلتها». وأضافت «ولكن رغم ذلك أشعر بخيبة أمل لان هناك وجوها لم أتوقع رؤيتها مرة أخرى باعتبار أنها سبق ومرت في حكومات سابقة ولم تغير من الواقع المغربي شيئا». وقالت «لقد وعدونا بالجديد لكن هذا الجديد كان باليا». وفوجئ عدد من الصحفيين والمراقبين بعدد الوزراء المنتدبين على رأس الوزرات الهامة وخاصة فيما يعرف بوزارات السيادة مثل الداخلية والخارجية. وتولى محند العنصر من حزب الحركة الشعبية وزراة الداخلية لكن الشرقي الضريس المدير العام للأمن الوطني هو الوزير المنتدب في الداخلية. كما أن سعد الدين العثماني وزير الخارجية من حزب العدالة والتنمية يشرف عليه يوسف العمراني كوزير منتدب في الخارجية وألحق بحزب الاستقلال في اخر لحظة. وقال ضريف ان»الوزراء المنتدبون هم بمثابة حكومة ثانية موازية لحكومة بن كيران». وأضاف «الوزراء المنتدبون من المتوقع أن يمارسوا دورا أقوى.» كما يعتبر مراقبون أن تعيين العاهل المغربي لعدد من المستشارين الجدد للاحاطة به بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات بمثابة حكومة ظل تعمل بالموازاة مع حكومة بن كيران. وقال ضريف «هذا صحيح لانه يبدو منذ اقدام الملك على تعيين مستشارين مكلفين بمهمات خاصة سواء في الامن أو الخارجية أو الجهوية أو الملفات المالية أن المغرب يدخل في تجربة جديدة». وأضاف"ربما لان سلطات البلد لا تثق بشكل كاف في كفاءات حزب العدالة والتنمية لذلك أرادت أن تكون هناك حكومة ظل جاهزة». وقال ان هذا التأثير بدا واضحا من خلال تأخير اعلان الحكومة واعادة هيكلتها في أكثر من مرة باقتراح واعتراض من مستشاري الملك.