منذ أن تحولت الجماعة الجزائرية للدعوة والقتال إلى قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي، وامتد نشاطها إلى منطقة الساحل والصحراء واعتمدت إستراتيجية خطف الرعايا الأوروبيين لمبادلتهم ببعض عناصرها الموجودين في سجون بعض دول المنطقة أو لطلب الفدية ، ظلت مخيمات اللاجئين الصحراويين في الجزائر بمنأى عن نشاط هذه الجماعة بالرغم من التواجد شبه الدائم لعمال الإغاثة الأوروبيين في هذه المخيمات ، وذلك لأسباب كان ينظر إليها كنتيجة للقبضة الأمنية للجيش الجزائري في المنطقة مما يجعل من المستحيل أن تقوم اليوم مجموعة من الملثمين المسلحين كما وصفتهم البوليساريو باختطاف رعايا أجانب من المخيمات جنوب تيندوف في سابقة تطرح علامات استفهام كثيرة حول الطريقة التي تمت بها عملية الاختطاف. إن السيناريو الذي تمت به العملية حسب مصادر البوليساريو لا يمكن أن يكون مقنعا بالنظر إلى أن المكان الذي حدثت فيه يقع في عمق الأراضي الجزائرية وفي حيز يعتبر منطقة عسكرية حساسة يضع فيها الجيش الجزائري جزء كبيرا من ثقله ، فهل يعقل أن يتسلل الخاطفون من الحدود المالية قاطعين مئات الكيلومترات للوصول الى مشارف تيندوف دون ان يتم رصدهم من طرف الطائرات العمودية الجزائرية التي تجوب السماء طولا وعرضا على مدار الساعة ، ليصل الخاطفون في النهاية إلى هدفهم وينفذوا عملية تم فيها إطلاق الرصاص في مكان لا يبعد سوى عدة أمتار من مراكز حساسة للبوليساريو ، ثم ينسحبون في هدوء مع رهائنهم دون اعتراض سبيلهم لتبدأ – بعد فوات الأوان – ما قيل أنها عملية مطاردة لا تزال مستمرة. إن قيادة البوليساريو تتهم القاعدة بالوقوف وراء العملية ، وهذا احتمال وارد غير أن هناك علامات استفهام تحيط به لتفرز احتمالا آخر غير مستبعد ما لم تثبت الإحداث عكسه ، وهو أنه قد يكون في قيادة البوليساريو من له مصلحة في التخلص من هؤلاء ولو بهذه الطريقة البشعة فبالنظر إلى أن المخطوفين يعملون كمراقبين على التغذية في مخيمات اللاجئين ، فإن وجودهم يعتبر عبئا على الذين يهربون المساعدات الإنسانية إلى الأسواق المجاورة ليتم بيعها لصالح القادة. ومهما تكن الحقيقة وراء هذه العملية فإنها تؤكد أن منطقة المغرب العربي لن تشهد الاستقرار والتعايش السلمي الذي تطمح إليه الشعوب ما دامت مرتعا للجماعات والمليشيات التي تهدد أمن هذه الشعوب واستقرارها.