مراكش "مغارب كم": كريم الوافي اشتهرت مدينة مراكش منذ القدم بسبعة رجال وتربة الأولياء. ومراكش الحمراء، كما عرفت بتعدد الأضرحة مما جعلها قبلة للزوار والموردين، وتعدد الطرق الصوفية بها. وكان الصوفي ينتقي منها ما يتلاءم مع ظروفه وبيئته الخاصة وأحواله وما يلبي حاجاته وحاجات وسطه المادية والروحية ، إذ كثيرا ما يجري الإتصال بشيخ أو أكثر ،وأحيانا أخرى بأشخاص لاينتمون لطرق معينة ولكن لظهور آثار الخير والصلاح عليهم، فبالرغم من وجود رباطات حول مراكش خصوصا أغمات ونفيس وشاكر، فإن المدينة لم تعرف زوايا ورباطات بعد تأسيسها مباشرة أي خلال العصر المرابطي . وكانت منطقة الحوز تعج بالأولياء قبل بناء مراكش ،فأغمات كانت ملتقى الصوفية من القيروان والأندلس والمغرب، ونفيس كانت مجمع الصوفية الصامدة ، ومواسم رباط شاكر كانت مجمع مئات النساء الصوفيات فضلا عن الرجال، وبعد بناء مدينة مراكش وتعميرها أخذت مكانة أغمات الإقتصادية والسياسية والدينية ،فانتقلت إليها مختلف الأنشطة من بينها التصوف، ومع مرور الزمن تصاعدت أهميتها الصوفية وتكاثر أولياؤها سواء المقيمون بها أو المدفونون بأحيائها وأزقتها إلى أن اشتهرت عند عامة المراكشيين بالقولة المتداولة "كل قدم بولي". وتختلف الآراء حول اختيار الرقم "سبعة" دون غيره،فهناك من يقول بأن الإكتفاء بسبعة رجال يرجع إلى عدد أيام الأسبوع ليخصص يوم لكل وليس وهناك من يزعم بأن المراد بالسبعة ليس حقيقة العدد، وإنما المراد بها التيسير والتسهيل والسعة، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الأصل كما يطلق السبعون في العشرات. وهناك من يقول بأن الأعداد السبعة لها عند الله خطر عظيم ومحل جسيم ،لدلك زين الهواء بسبع سماوات، وزينها بسبعة نجوم ،وزين الفضاء بسبع ارضين وسبع أبحر والنار بسبع دركات ثم زينها بسبع أبواب . إلا أن أهم ميزة انفردت بها مدينة مراكش عن باقي المدن المغربية،هي أجوائها الروحية وكثرة مزاراتها حتى اشتهرت المدينة الحمراء برجالاتها السبعة الدين شكلوا دوما وجهة يقصدها الزوار ويسعون إليها من أجل التقرب الديني أو التنفيس الإجتماعي والنفسي. ففكرة سبعة رجال كانت موجودة قبل عصر المولى إسماعيل ، فالحديث عن رجال رجراجة الدين زاروا الرسول (ص) وخاطبهم بلسانه ،يرجع إلى ماقبل الفتح الإسلامي للمغرب،وتتحدث بعض المصادر التاريخية عن سبعة رجال مصر التي تنظم زيارتهم ليلة الجمعة،كما تتوفر مدينة الجزائر العاصمة على رجالها السبعة الدين أقبروا في أمكنة متقاربة حول باب الوادي،خلافا لرجالات مراكش الموزعين على المدينة، وتوجد مزارات لسبعة رجال آخرين في عدد من المدن والقرى خاصة في مدينة تلمسانالجزائرية وفاس بحي المصلى وبالفنيدق قرب تطوان توجد قبة سبعة رجال ومقبرة سبعة رجال ومسجد سبعة رجال. وبالرجوع إلى الذاكرة المراكشية ، فإن زيارة سبعة رجال تجري بالترتيب كل أسبوع وتراعى في دلك ظروف الزائر، فإذا كان له متسع من الوقت ورغب في أداء الزيارة على وجهها الأكمل يخصص يوما لكل ولي حتى يتمكن من الإستراحة قليلا بضريحه، وزيارة الأولياء المدفونين حوله ،وتكون الإنطلاقة يوم الثلاثاء بسيدي يوسف بن علي الصنهاجي والأربعاء لعياض بن موسى اليحصبي والخميس لأبوالعباس السبتي والجمعة لمحمد بن سليمان الجزولي والسبت لعبد العزيز التباع والأحد للغزواني مول القصور والإثنين لعبد الرحمان بن عبدالله السهيلي.، فإن لم يكن لديه متسع من الوقت،زارهم في أي وقت شاء الواحد تلو الآخر إلى النهاية مع المحافظة على الترتيب. وكان أهل مراكش يخرجون صبيحة يوم الجمعة رجالا ونساءا وأطفالا لزيارة مشاهد سبعة رجال ويطوفون بهم جميعا في دلك اليوم، ومع تعاقب الأعوام تسربت إلى الزيارة التي وضعت أساسا للإعتبار وتذكر الموت والدعاء لهؤلاء الأولياء عادات وتقاليد أبعدتها عن هدفها الأصلي وصارت تحركها أغراض أخرى ،كالتماس فرج عند نزول شدة، والاستسقاء عند القحط ، والاستشفاء من المرض، وطلب الفتح والفهم وغيرها من الطقوس التي أصبحت متداولة داخل الأسر المراكشية.