يعم الصمت قاعة في قرية "بولونس"، الجبلية، في ضواحي مدينة لوزان السويسرية، في يوم ربيعي مشمس، بينما الجميع يركز في مشاهدة فيلم وثائقي، باللغة الفرنسية، عن المشاكل البيئية، في الصحراء الشرقية، في الجنوب المغربي. وفي الفيلم الوثائقي، يظهر الدكتور محمد علي السباعي، ب "لباس الصحراء الأزرق النيلي اللون"، ليدافع باستعمال "سلاح الصورة"، وفق تعبيره، عن منطقة محاميد الغزلان، في الجنوب الشرقي المغربي، حيث لا يزال "آخر الرُحل المغاربة يعيشون" في مواجهة "قلة الماء" وفي مواجهة "السياحة غير الصديقة للبيئة" التي تدمر "الغطاء النباتي الهش" في الصحراء. وخلال بث الشريط الوثائقي، باللغة الفرنسية، يُعد الدكتور محمد علي السباعي، بنفسه شايا مغربيا، يلقبه ب "شاي الصحراء"، سيشربه ضيوف الحدث الثقافي. البدايات في لوزان في العام 1978، يصل إلى لوزان السويسرية، شاب مغربي، أسمر البشرة، عمره 20 عاما، حاصل على شهادة الباكالوريا، في العلوم الرياضية، من ثانوية المعتمد ابن عباد، في مدينة مراكش، جنوب المغرب، ليلتحق بصفوف الدراسة العليا، في المدرسة المتعددة الاختصاصات في سويسرا، ليبدأ "مسار جديد لتلميذ قادم من الصحراء"، من "مدن الشمس" في المغرب، إلى مدن الثلج" في أوروبا. وفي حديثه ل"العربية نت"، يطالب الدكتور محمد علي السباعي، ب "توقف سباقات السيارات والدراجات النارية، القادمة من أوروبا"، والباحثة عن "حرية مفقودة في مدن أوروبا"، ويشدد على ضرورة "تقنين دخول الصحراء" لأنها "رئة الكوكب الأزرق"، كاشفا أن "أعشاب وأشجار الصحراء" تتطلب "شهورا طويلة وسنوات" لتنبت من جديد، ليأتي سائق بسيارته" ليدمرها في "رمشة عين". ويعمل الدكتور السباعي، حاليا في هيئة الأممالمتحدة للاتصالات في جنيف، وينطلق من قناعة أن "الصحراء هي هدية الله في الأرض". لخدمة الصحراء، أسس الدكتور السباعي، في العام 2005، منظمة غير حكومية، اسمها "الزايلة"، وتعني "الجمل"، ب "لغة سكان الصحراء"، من أجل التوثيق، بالصورة وبالكتابة، "للحياة في الصحراء"، في الجنوب الشرقي المغربي. وخلال عقد كامل، رافق الدكتور السباعي إلى الصحراء، "أطقم تصوير لقنوات عالمية"، وتحدث في "مئات المؤتمرات" في أوروبا، لإسماع "أنين ومعاناة الصحراء"، كما يرافق "مثقفين من المجتمع السويسري" لزيارة محاميد الغزلان و"التحول إلى رحل لأيام قليلة"، للإحساس بما "يعانيه الرحل"، في إطار ما تسمى ب "السياحة الإيجابية البديلة" للأوروبيين، خاصة من الشباب. تسارع تدمير الصحراء ووفق تقديرات الدكتور السباعي، فإن "الغطاء النباتي"، يعاني أكثر من أي وقت مضى، من "الجفاف المناخي"، ومن "عجلات السيارات ومن الدراجات النارية"، ما يهدد حياة "آلاف الجِمال" التي لا تزال تعيش في "صحراء منطقة محاميد الغزلان"، وهي جزء من الصحراء الإفريقية الكبرى. وفي كل زيارة إلى محاميد الغزلان، يوثق الدكتور السباعي بالصور، ما تبقى من "النباتات والأشجار" في الصحراء، ليقدمها في "معارض متنقلة في أوروبا"، كدليل على "معاناة الرحل في الاستمرار في هذا النمط من العيش"، وفق تعبيره. ويستقدم الدكتور السباعي، رحّلا مغاربة إلى سويسرا، ولدول أوروبية أخرى، "للمشاركة في عروض ثقافية للمنتوجات اليدوية"، مع تقديم "سهرات موسيقية" لأغاني الرُحل. وحفظا للتراث الغنائي للرحل، قام الدكتور السباعي مع رحّل مغاربة، بتسجيل شريط صوتي، في "إذاعة سويسرا".