ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس الغابوني علي بانغو أونديمبا، أمس في ليبرفيل، حفل التوقيع على 24 اتفاقية، من بينها اتفاقيات حكومية، وأخرى تهم الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص بالبلدين. وتأتي هذه الاتفاقيات، التي تشمل قطاعات مختلفة، كالفلاحة والصحة والسكن والتكوين والقطاع المالي والبنكي والتكنولوجيات الحديثة والنقل والسياحة وغيرها، لتعزز الإطار القانوني للتعاون بين البلدين. وتنضاف هذه الاتفاقيات المهمة، لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية في مجال الأسمدة، التي جرى توقيعها أول من أمس، والتي تهدف إلى استثمار الموارد الطبيعية بالبلدين للنهوض بالقطاع الفلاحي وتأمين الأمن الغذائي بالقارة الأفريقية. وتترجم هذه الاتفاقيات حرص قائدي البلدين، على إضفاء دينامية قوية على علاقات التعاون المثمر القائمة بينهما، سواء بين القطاعات الحكومية، أو من خلال الانخراط القوي للفاعلين الاقتصاديين الخواص بالبلدين. كما أنها تندرج في سياق التوجه الملكي لتعزيز الشراكة بين دول الجنوب. من جهة أخرى، أهدى العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد أداء صلاة الجمعة بمسجد الحسن الثاني في العاصمة الغابونية ليبرفيل، الجهات الغابونية المكلفة تدبير الشؤون الدينية، عشرة آلاف نسخة من المصحف الشريف، في طبعته الصادرة عن مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، قصد توزيعها على مختلف مساجد جمهورية الغابون. وتأتي هذه المجموعة من المصاحف، كدفعة أولى في إطار تنفيذ تعليمات العاهل المغربي بأن تقوم هذه المؤسسة بتزويد مساجد بلدان المنطقة بكل ما تحتاجه من مصاحف برواية ورش عن نافع، التي هي من الاختيارات المشتركة بين المغرب وهذه البلدان. يذكر أنه تنفيذا لأمر الملك محمد السادس قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية بتهيئة وتجهيز مسجد الحسن الثاني بمدينة ليبرفيل بموازنة بلغت ثمانية ملايين درهم (الدولار يساوي 8.5 درهم). وشملت الأشغال، الصيانة والصباغة والتجهيز بمعدات تكييف الهواء والتجهيز بمعدات متطورة في مجال الصوت وإعادة التفريش بالزرابي التقليدية المغربية. وقام الملك محمد السادس، رفقة الرئيس الغابوني أمس ببلدية أواندو (ضاحية ليبرفيل)، بزيارة تفقدية لورش بناء وحدة لإنتاج الإسمنت رصدت لها اعتمادات بقيمة 30 مليون يورو. وقدمت للعاهل المغربي بالمناسبة، شروحات حول هذه الوحدة الصناعية الجديدة، التي توجد في طور الإنجاز، والتي ينتظر أن تحدث، خلال أشغالها، ألف منصب شغل غير مباشر، و200 منصب شغل مباشر بعد بدء استغلالها. وسيجري إنجاز هذه الوحدة في ظرف 18 شهرا. ومن المنتظر أن يوجه مجمل إنتاج هذه الوحدة، التي تندرج في إطار التعاون جنوب - جنوب، للاستجابة للحاجيات المحلية من مادة الاسمنت، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على أسعار هذه المادة الأساسية في مجال البناء، وبالتالي الإسهام بشكل فعال في التنمية الاقتصادية للغابون. فبعد كوت ديفوار، وغينيا، والكاميرون، ومالي، وبوركينا فاسو، تواصل إسمنت أفريقيا (سيماف) انفتاحها على القارة الأفريقية من خلال إنجاز هذه الوحدة بالغابون. ومن أجل تدبير هذا الاستثمار المغربي في القارة الأفريقية، وعلى غرار كل فروع شركة «سيماف» بالقارة السمراء، جرى خلق شركة غابونية أطلق عليها اسم «إسمنت أفريقيا الغابون». وعلاوة على آثارها الاقتصادية، فإن إحداث هذه الوحدة بالغابون، يندرج في سياق تعزيز التعاون بين المغرب وهذا البلد الأفريقي، وتمتين الروابط القائمة بين مجتمعي الأعمال بالدولتين. يذكر أن «اسمنت أفريقيا» التي أحدثت في 2011 والمتخصصة في إنتاج الاسمنت، تنتشر، بالإضافة إلى الغابون، في ستة بلدان أفريقية أخرى هي كوت ديفوار وبوركينا فاسو وغينيا والكاميرون والكونغو ومالي، كما تعتزم مستقبلا الانتشار في عشرة بلدان أخرى. وتنهج الشركة نفس التوجه في كل هذه الدول والمتمثل في إحداث وحدات لإنتاج الاسمنت بطاقة إنتاجية تبلغ 500 ألف طن، قابلة للزيادة لتصل إلى مليون طن، وذلك باستثمارات تقدر ب30 مليون يورو لكل وحدة.