تأجلت مناقشة الفصول الأخيرة من الدستور التونسي الجديد التي كانت مقررة أمس، لمدة 24 ساعة، في حين لا يزال يتعين التوصل إلى توافق على بعض المسائل لإفساح المجال أمام المصادقة على مشروع الدستور بعد أكثر من ثلاث سنوات من «ثورة الحرية والكرامة» في 2011. وقالت كريمة سويد العضو في المجلس الوطني التأسيسي: «جرى تأجيل الجلسة العامة إلى يوم الاثنين (اليوم). وبدأ المجلس التأسيسي منذ الثالث من يناير (كانون الثاني) المناقشة والتصويت على فصول الدستور ال146 فصلا فصلا، وذلك قبل التصويت عليه بأكمله. ولا يزال يتعين التوصل لتوافق بين مختلف القوى السياسية والكتل النيابية بشأن بعض المسائل». وتشمل هذه النقاط خصوصا باب الأحكام الانتقالية وهو الباب الأخير في مشروع الدستور وهي الأحكام التي تنظم دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ وصلاحيات المجلس الوطني التأسيسي حتى الانتخابات التشريعية القادمة وكيفية مراقبة دستورية القوانين حتى ذلك التاريخ. ويريد حزب النهضة الإسلامي الحاكم الإبقاء على مجمل السلطات بأيدي المجلس التأسيسي الذي يملك فيه العدد الأكبر من النواب في حين يريد معارضوه تقليص هذه السلطات. من جهة أخرى لا يزال يتعين التوصل إلى توافق بشأن بعض الفصول سقطت أثناء النقاش السابق ومنها شروط الترشح للانتخابات الرئاسية. وحتى يجري تبنيه يتعين أن يحصل مشروع الدستور الجديد لاحقا على موافقة ثلثي أعضاء المجلس التأسيسي (145 من أصل 217) بعد قراءتين على أقصى تقدير. وإذا تعذر ذلك يحال مشروع الدستور على الاستفتاء الشعبي. وسيتيح تبني مشروع الدستور الخروج من أزمة سياسية نجمت عن اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو (تموز) 2013. وكان المجلس التأسيسي أجاز مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية وحصر مدة الرئاسة بدورتين لا تتجاوز عشر سنوات كحد أقصى، مع منع أي تعديل في الفصل 74 بهدف زيادة المدة الرئاسية. وحدد الفصل 76 من الدستور الذي أجازه المجلس مهام رئيس الجمهورية، ومن بينها «ضبط السياسات العامة في مجال الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي». وبإمكان الرئيس اتخاذ قرار بحل مجلس نواب الشعب شرط موافقة ثلثي أعضاء المجلس، كما يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة. كما يحق له «تعيين مفتي الجمهورية وإعفاؤه من مهامه، وتولي أمر التعيينات في الوظائف العليا برئاسة الجمهورية». ومن صلاحياته أيضا الإشراف على «التعيين في الوظائف العسكرية والدبلوماسية»، إلى جانب الموافقة أو الرفض على تعيين محافظ البنك المركزي الذي يقترحه رئيس الحكومة. وفي مقابل التوافق على صلاحيات الرئيس ومهامه، فإن أعضاء المجلس واصلوا رفض المصادقة على الفصل 73 من مشروع الدستور المتعلق بتحديد سن الترشح لرئاسة الجمهورية. وكان هذا الفصل من الدستور قد أثار جدلا واسعا في صفوف نواب المجلس التأسيسي، بعد بروز خلافات حادة حول شروط الترشح لرئاسة الجمهورية. من جانب آخر ينتظر أن يجري الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الأسبوع المقبل، وذلك بعد أن قبل حزب النهضة الإسلامي التخلي عن السلطة إلى حكومة مستقلين حتى الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.