سيصبح لمدينة الدارالبيضاء دليل رسمي لأسعار العقارات قبل نهاية العام الحالي. ويعطي الدليل، الذي أنجزه اتحاد المنعشين العقاريين بشراكة مع إدارة الضرائب، متوسط الأسعار بالنسبة لمختلف أنواع العقار حسب أحياء وشوارع وأزقة العاصمة الاقتصادية للمغرب، وذلك على أساس دراسات ميدانية بالإضافة إلى قاعدة معلومات إدارة الضرائب والمعطيات المتوفرة لدى المنعشين. وقال يوسف بنمنصور، رئيس اتحاد المنعشين العقاريين، ل«الشرق الأوسط»، إن دليل أسعار العقار سيغطي في مرحلة أولى مدينة الدارالبيضاء، ثم سيوسع تدريجيا ليشمل باقي المدن. وأضاف «الأثمان التي سيخرج بها الدليل حددناها بعد دراسات متعددة، ومفاوضات وأخذ ورد بيننا وبين إدارة الضرائب استمرت لأزيد من سنة قبل أن نصل إلى نتيجة». ويهدف الدليل، حسب بنمنصور، إلى إضفاء الشفافية على سوق العقار المغربية ووضع حد للعديد من مظاهر الفوضى والظواهر السلبية التي يعرفها القطاع، مثل ظاهرة عدم التصريح بالأسعار الحقيقية للصفقات بهدف التهرب من الضرائب والمراجعات الضريبية العشوائية التي تقوم بها إدارة الضرائب كرد فعل على ذلك. وقال بنمنصور: «مطلبنا الأساسي كمنعشين عقاريين هو أن تعترف إدارة الضرائب بهذا الدليل كمرجع قار غير قابل للطعن من طرفها، وأن يتم تحيينه دوريا، ليساير توجهات السوق ارتفاعا وهبوطا». وأضاف بنمنصور أن الأثمان المحددة في الدليل هي عبارة عن معدلات، وليس سقوفا عليا ودنيا للأسعار. واعترف بنمنصور أن نشر الدليل قد يؤثر نسبيا على المنافسة وحرية السوق، إلا أنه قال: «المزايا المرتقبة لهذا الدليل تفوق كثيرا سلبياته بالنسبة لنا». المحلل الاقتصادي عز الدين أقصبي، رئيس سابق لجمعية الشفافية لمحاربة الفساد قال ل«الشرق الأوسط» إن الدليل سيكون له أثر إيجابي على السوق سواء بالنسبة للمنعشين أو المستثمرين أو إدارة الضرائب، مضيفا: «كل هذا يتوقف على طريقة بناء الدليل والمعطيات والمعايير المعتمدة لذلك». وتشير تقارير إلى أن نسبة 20 إلى 25 في المائة من قيمة الصفقات العقارية، خاصة في فروع السكن المتوسط، لا يتم التصريح بها في عقود البيع، مما يؤدي إلى حجب ما يعادلها من الأرباح عن الضرائب. وبسبب استفحال هذه الظاهرة وعدم الوضوح في الأسعار الحقيقية التي تمر بها الصفقات فإن إدارة الضرائب أصبحت في السنوات الأخيرة تقوم بمراجعات ضريبية لجميع الصفقات العقارية، معتبرة أن كل الصفقات دون استثناء تتضمن جزءا غير مصرح به. ويرى أقصبي أن ذلك ترتب عنه نوع من الظلم بالنسبة للأشخاص الذين لا يتهربون من الضرائب. وقال: «تعميم المراجعات الضريبية على الجميع لم ولن يؤدي إلى الحد من الظاهرة، بل بالعكس إلى تعميمها. فهو سلوك لا يشجع على النزاهة. لذلك أصبح من الضروري التوفر على مرجعية علمية حقيقية لأسعار العقار». وأضاف أقصبي أن استفحال ظاهرة أداء جزء من قيمة الصفقات في الظل يتسبب في العديد من المشاكل. وقال: «إحدى السفارات الأجنبية في الرباط وجدت نفسها في مشكلة حقيقية عندما قررت شراء أرض في ضاحية العاصمة لبناء مقرها الجديد. فجميع الملاك كانوا يطالبون بأداء جزء من قيمة الصفقة في الظل وعدم التصريح به في عقد الصفقة. إلا أن السفارة لم يكن بإمكانها القيام بصفقة غير قانونية». ويجد العديد من المغاربة الذين يعتمدون على القروض المصرفية لتمويل اقتناء العقار صعوبة في توفير المبلغ المطلوب دفعه تحت الطاولة. وساهمت التسهيلات المصرفية إلى حد ما في التخفيف من هذه المشكلة، عبر إلغاء شرط أداء جزء من الصفقة نقديا، بل وأصبحت تعطي قروضا تصل إلى 110 في المائة من قيمة الصفقات مبررة العشرة في المائة الإضافية بمتطلبات تهيئة وتأثيث البيت الجديد.