لم تعرف الجزائر ومنذ أكثر من عشرية تراجعا محسوسا في مداخليها مثل ما تم تسجيله خلال هذه السنة، والتي اعتبرتها الحكومة استثنائية محاولة التكتم عن تخوفها بشأن تراجع مداخيل قطاع المحروقات، وذلك بعدم تهويل الوضعية الهشة التي آل إليها الاقتصاد الوطني، ليسجل ولأول مرة منذ عدة سنوات ميزان المدفوعات الجزائري عجزا، أكد التقرير الأخير لإحصائيات الجمارك أنه سيستمر حتى نهاية هذه السنة. وأكدت الإحصائيات المقدمة من طرف الجمارك والتي تحصلت "الخبر" على نسخة منها، أن الفائض التجاري المسجل إلى غاية نهاية شهر نوفمبر الفارط قد تقلص ب10 ملايير دولار، حيث انتقلت قيمته من 20.42 مليار دولار نهاية نوفمبر 2012 إلى 10.22 مليار دولار لنفس الفترة من هذه السنة، ما تسبب في تقلص معدل تغطية نفقات الواردات عن طريق الصادرات إلى 121% بعد أن كان يصل إلى 145%. واستهلكت الجزائر من خلال وارداتها حسب نفس الأرقام حوالي 90% من مداخليها المتأتية أساسا من عائدات البترول والنفط، حيث أنفقت الحكومة الجزائرية التي تتحجج في نفقاتها المتزايدة بارتفاع واردات مجموعة التجهيزات والعتاد الموجه لإنجاز العديد من المشاريع التي لم تر النور إلى غاية الآن، ما تسبب في تسجيل فاتورة واردات إجمالية بلغت قيمتها 49.66 مليار دولار خلال 11 شهرا من السنة الجارية، مقابل مداخيل بلغت 59.88 مليار دولار. ومثلت واردات التجهيزات الصناعية أهم مجموعة سجلت ارتفاعا محسوسا في نفقاتها بنسبة 18.54% بما تجاوزت قيمته 14 مليار دولار نهاية نوفمبر، مثلما أكده أعضاء الحكومة في تصريحاتهم المتوالية لتبرير تسجيل ارتفاع قياسي تعدى الخطوط الحمراء لهذه السنة بالنسبة لفاتورة الواردات التي يمكن أن تقارب سقف 55 مليار دولار، حيث أكد هؤلاء أن ارتفاع واردات التجهيزات يرجع إلى ورشات المشاريع المعلن عنها، غير أن الواقع المر الذي لم يفصح عنه هؤلاء علنا هو أن فاتورة العتاد المستورد تتضمن هي الأخرى تجهيزات وعتادا دون قيمة تجارية يتم التخلي عنه في موانئ جزائرية، مقابل عملة صعبة توظف في البنوك الأجنبية.