أكد وزير خارجية تونس («الوطن» المصرية، الخميس 12 ديسمبر/ كانون الأول) لطفي بن جدو في حوار لمجلة «سطور» التونسية، أن «جهاد النكاح» حقيقة في تونس، لافتا إلى أن وزارة الداخلية لديها أدلة تثبت الأمر، وقال: «ظاهرة جهاد النكاح لا تقتصر على سوريا فقط، هناك من توجه نحو جبل الشعانبي، حيث توجد عناصر إرهابية بالقرب من الحدود مع الجزائر في ولاية القصرين لممارسة هذا النوع من الجهاد». ترى.. هل لهذه الممارسات أصل في التاريخ؟ لقد لاحظ فرويد في كتابه «موسى والتوحيد»، أن بعض ممارسات المرضى العقليين تشبه ممارسات البشر في قبائل ما قبل التاريخ. ولما كنت أومن بأن تاريخ البشر مسجل في عقول البشر، في اللاوعي الجمعي بالتحديد، وأن هذا اللاوعي أشبه بدفتر الأحوال الموجود في أقسام الشرطة؛ لذلك كان من السهل دائما الرجوع إلى حالة معينة اندثرت بفعل الزمن لنفهم بها حالة أخرى معاصرة تبدو غير مفهومة لنا. إن أقرب مثال لهذا النوع من «الجهاد» كان قبل ظهور الأديان السماوية. ففي بعض الديانات الوثنية منذ آلاف السنين، كانت توجد ظاهرة تسمى «بغايا المعبد»، هن مجموعة من الفتيات نذرن أنفسهن للبقاء فترة في المعبد يمارسن فيها الجنس مع الأغراب على سبيل الطقس الديني. وإذا قفزنا إلى الأمام في التاريخ إلى عصرنا هذا فسنلاحظ أن صاحبات أقدم مهنة في التاريخ بعد أن يتركن هذه المهنة لسبب أو لآخر يتكلمن عن فترة نشاطهن بقولهن: لما كنت في الوعد. وكلمة «الوعد» في العامية المصرية تعني القدر المحتوم (وعد ومكتوب). هن بالفعل حفيدات لبغايا المعبد تماما كصاحبات «جهاد النكاح». الواقع أن كلمة «الوعد» التي تعني القدر هي في حقيقتها رغبة غريزية قوية للغاية في ممارسة التعدد في الجنس، وفي رواية ألبرتو مورافيا «البغي» يثبت فيها أنه لا توجد ظروف تعسة وضاغطة تدفع فتيات الليل لممارسة هذه المهنة، بعكس الشائع وبعكس ما جاء في الأفلام المصرية القديمة، هن فقط صاحبات تركيبة نفسية معينة تدفعهن للبحث عن هذا الفخ بهدف الوقوع فيه لإشباع حاجتهن لممارسة الجنس مقابل أجر. وفي تسعينات القرن الماضي، وفي منطقة الشرابية في القاهرة، استأجر عدد كبير من المتطرفين عددا من البيوت سكنوها، شبان وشابات، كان أمير الجماعة يقوم بعملية تزويجهم وتطليقهم، وقد ثبت من التحقيقات أنه كان يطلق الزوجة من زوجها ويزوجها في اليوم التالي من شخص آخر. لا داعي لفترة العدة كما نعرفها نحن، كان يكتفي بأن تكون فترة العدة ليلة واحدة، كانوا يمارسون «جهاد النكاح» قبل ظهور هذه التسمية. أختم حديثي المؤلم لي ولك، بظاهرة لاحظها المراقبون في سلوك فتيات جامعة الأزهر، كن يضربن الأساتذة والطلبة المعارضين لهن ويعضضنهم. ظاهرة العض هذه جديدة تماما على كل أحداث الشغب في العالم كله، غير أني أراها امتدادا لرغبة إنسان ما قبل التاريخ في التهام عدوه في عصور أكل لحوم البشر، أو هي رغبة دفينة في ممارسة الجنس. لاحظ أننا نستخدم كلمة «الأكل» في حالة شدة الرغبة في الآخر، وهو ما يمكن تسميته «جهاد العض». "الشرق الأوسط"