الوضع السياسى الذى تمر به تايلاند، هذه الأيام، أقرب ما يكون إلى الوضع الذى مررنا به نحن يوم 30 يونيو الماضى، ثم فى أيام 1 و2 و3 يوليو وصولاً إلى صدور بيان خريطة المستقبل، الذى أنهى وجود الإخوان فى الحكم إلى غير رجعة. فالناس فى تايلاند خرجوا فى حشود هائلة تطالب رئيسة الحكومة هناك «تشاوانرا» بأن تستقيل، أو بمعنى أدق تطالب الحشود التى لا تفارق الشارع بإسقاطها، وربما كان الشىء الذى يجعل الوضع عندهم، فى هذه اللحظة، شبيهاً بالوضع عندنا يوم الثورة، مع فارق بسيط ومهم سوف نبينه حالاً، أن الذين احتشدوا فى الشوارع والميادين فى تلك الدولة على حدود الصين يرفضون أن ينصرفوا إلا إذا سقطت رئيسة الوزراء، مهما كانت الوعود والمغريات التى تبذلها وتقدمها هى لهم! فماذا فعلت «تشاو»؟!.. خرجت المرأة على الحشود، فى بيان تليفزيونى، وقالت إنها تتفهم مطالبهم، وتستوعبها، ولا تنكرها، لكنها فقط تطلب الاستفتاء على بقائها، وعلى مصيرها. ولا أحد بالطبع يعرف ما إذا كان أبناء تايلاند الغاضبون سوف يستجيبون لها، بمثل ما استجابت هى لهم، ويسمحون لها بالتالى أن تنظم استفتاء يرى الجميع من خلاله ما إذا كانت سوف تبقى أو تعود إلى بيتها وتترك الحكم! ولا أحد أيضاً يعرف ما إذا كان الاستفتاء، إذا ما تقرر له أن يجرى، سوف تأتى نتيجته لصالحها، كرئيسة حكومة، أم لا! فلا هى تستطيع أن تتوقع، أو تخمن، ولا الثائرون ضدها وضد سياساتها يستطيعون. ولكن المؤكد أنها، كامرأة حاكمة، تصرفت فى لحظة كهذه برجولة لم يعرفها محمد مرسى عندما كان عليه أن يمر بالاختبار ذاته! ولعلنا نذكر الآن أنه لم يكن مطلوباً منه فى مواجهة ثورة 30 يونيو إلا أن يدعو إلى الشىء نفسه، الذى دعت إليه «تشاو» متطوعة، ودون أن تضرب بإرادة رعاياها عرض الحائط كما فعل هو! يومها، راح «مرسى» يتمحك تارة، ويتهرب مما هو مطلوب منه، تارة أخرى، ويرفض بحماقة لم تكن غريبة عليه أن يجرى استفتاء، أو حتى انتخابات رئاسية مبكرة.. ليس هذا فقط.. وإنما راح كما نذكر جميعاً يتبجح، ويطلب من الذين يطالبونه بالاستفتاء أو الانتخابات الرئاسية المبكرة أن ينتظروا إلى الموعد الطبيعى للانتخابات، أى بعد ثلاث سنوات، أو أن يذهبوا إلى انتخابات البرلمان!! ولأن الذين ثاروا عليه بالملايين لم يكن عندهم وقت لعبثه، وانعدام إحساسه بالمسؤولية، وعدم اكتراثه بهم، فإنهم تجاوزوا مطالبهم الأولى، وراحوا مباشرة إلى المطالبة برحيله هو وجماعته وأهله وعشيرته، لأن البلاد لم تكن تحتمل أن تحكمها «جماعة» أو رئيس بهذه الخفة! وما بعد ذلك نعرفه، بدءاً من بيان وخريطة 3 يوليو، مروراً بالحرب التى يشنها الإخوان على المجتمع المصرى، قبل أن يشنوها على الدولة أو الحكومة وانتهاء بيومنا هذا، الذى رغم متاعب المصريين فيه إلا أنهم يكفيهم التحرر من حكم الإخوان، ويكفيهم كذلك أن سلوك «مرسى» فى مواجهة الثورة عليه لم يشأ أن يرتقى إلى سلوك امرأة فى تايلاند! "الأهرام"