جددت حكومة ليبيا الانتقالية برئاسة علي زيدان تهديداتها باعتراض وضرب أي سفينة بحرية تحاول دخول الموانئ النفطية بشكل غير شرعي، مؤكدة أنها أعطت تعليمات رسمية للجيش الليبي في هذا الشأن. وكشفت حكومة زيدان في بيان أصدرته مساء أول من أمس، عن معلومات تفيد بمحاولة بعض الجهات والشركات شراء النفط الليبي من الفئات التي تسيطر على موانئ تصدير النفط بمنطقة خليج سرت، معتبرة أن هذا يمثل اعتداء صارخا على السيادة الليبية وجريمة جنائية يحاكم عليها القانون. وقالت: إنها أصدرت الأوامر إلى السلاح البحري والقوات الجوية بمراقبة الموانئ النفطية واعتراض أي قطع بحرية تحاول الدخول إلى الموانئ دون الاتفاق مع المؤسسة الوطنية للنفط، موضحة أن «هذه القطع ستتعرض إلى الاعتقال والاحتجاز وفي حالة رفض الأوامر قد تتعرض إلى التعامل معها بالقوة؛ وقد أعذر من أنذر». وقال البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه جرى رصد الكثير من الأسماء وهي الآن تحت المراقبة وسوف تعطى أسماء هذه الشركات إلى النائب العام الليبي ليتولى متابعة إجراءاتها مع الشرطة الدولية. وأشار إلى القرارات الصادرة بمختلف السلطات المدنية والعسكرية في الدولة بشأن استيعاب الثوار وتفكيك المجموعات المسلحة على مختلف مسمياتها ودمجها في الجيش والشرطة أو المؤسسات المدنية وإنهاء حالة التسلح خارج إطار الجيش والشرطة والذي حدد له نهاية العام الجاري كآخر موعد لتنفيذه. وحذرت الحكومة من أنه «سيجري وقف دفع المكافأة أو المنح لأي كان بعد هذا التاريخ ما لم يكن موظفا أو عاملا لدى الدولة في سلكها العسكري وسلكها النظامي وجهازها المدني»، كما دعت المواطنين للتنبه لهذا الأمر وأخذ الإجراءات اللازمة من أجل تسوية وضعهم حتى تشملهم إجراءات إعداد الميزانية العامة للعام القادم. من جهته، حذر محمد عبد العزيز وزير الخارجية الليبي من استمرار إغلاق الموانئ النفطية، واصفا الخسائر المترتبة على هذا الإغلاق خلال الشهور الماضية بأنها «خسائر فظيعة وذات تأثير على المواطنين». وحذر من أن الحكومة لن تكون قادرة على توفير الميزانية في العام المقبل. وقال عبد العزيز، عقب لقاء رئيس الحكومة علي زيدان مع إليزابيث جونز مساعدة وزير الخارجية الأميركي، إن قوت الشعب الليبي يأتي من عائدات النفط. لافتا إلى أن الخسائر المقدرة بنحو 130 مليون دولار أميركي يوميا تعني أنه لن تكون هناك ميزانية في عام 2014. وبعدما أشار إلى تضامن الكثير من الدول مع ليبيا شدد على ضرورة إيجاد حل سريع لهذه المشكلة في أقرب فرصة. وكشف النقاب عن زيارة سيقوم بها فريق من مجلس الأمن الدولي لليبيا منتصف العام المقبل ووصفها بالمهمة جدا في دعم المجتمع الدولي لليبيا وانتقالها من الثورة إلى الدولة، مضيفا: «إننا لا زلنا تحت البند السابع، ولا زلنا في أشد الحاجة لمساعدة المجتمع الدولي ومجلس الأمن حتى يكون الانتقال سلسا قدر الإمكان». ووضع وزير الخارجية الليبي زيارة المسؤولة الأميركية في إطار ما وصفه بالاهتمام المتزايد للشركاء الدوليين - وخاصة مجموعة الثماني - بشأن تحديد أولويات ليبيا في هذه المرحلة، وعلى رأسها البعد الأمني وكيفية تحقيق استتباب الأمن والاستقرار في ليبيا باعتبارهما أحد المتطلبات الأساسية للمواطن في ليبيا. وقال: إن اللقاء تناول كذلك استعراض المشاكل التي تواجه الحكومة الآن، وخاصة عملية إغلاق الموانئ النفطية من قبل بعض العناصر وسعي الحكومة وحوارها المثمر لإيجاد حلول لهذه المعضلة، بالإضافة إلى «موضوع استرداد الأموال الليبية في أميركا وتقديم المشورة بما يخص هذه الأموال في الدول الأخرى والتي أبدت الحكومة الأميركية مساعدتها لنا». وكان عمر الشكماك، وكيل وزارة النفط الليبية، كشف النقاب عما وصفه ببوادر انفراج في أزمة إقفال ميناء مليته وأن العمل بدأ فعليا في شحن الشحنات المبرمج لها من الميناء. مشيرا في تصريح صحافي نشره موقع الوزارة إلى أن هذا الانفراج جاء عقب اتصالات قامت بها الوزارة والمؤسسة الوطنية للنفط مع المجلس المحلي بزوارة والمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا. وقال الشكماك: «نحن نتفهم مطالب إخواننا الأمازيغ، وكل الليبيين لهم الحق في إبداء رأيهم، ولكن بعيدا عن قفل أي مرفق للدولة له مصلحة عامة تخص كل الليبيين، ناهيك عن أن إقفال هذه المرافق بقوة السلاح يعد خرقا للقانون وجرحا لهيبة الدولة». يشار إلى أنه جرى إيقاف العمل بمجمع مليته للنفط والغاز بسبب اقتحام مجموعة من المسلحين مطالبين بوضع اللغة الأمازيغية في الدستور، وذلك في محاولة للضغط من أجل الاستجابة لتنفيذ مطالبهم. وسبق أن أعلنت القوات البحرية الليبية في شهر أغسطس (آب) الماضي عن نشر وحداتها قبالة موانئ السدرة وراس لانوف والبريقة النفطية بهدف تفتيش ناقلات النفط، مهددة ب«اقتحام» أي ناقلة تتواجد بشكل غير شرعي في حال لم تستجب لإنذارات بالمغادرة. وتغلق مجموعة منشقة عن حرس المنشآت النفطية في المنطقة الوسطى لليبيا موانئ منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط منذ نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي. لكن المجموعة التي تغلق الموانئ النفطية أعلنت مؤخرا عن حكومة لتسيير شؤون إقليم برقة الممتد من الحدود الليبية المصرية شرقا وحتى الوادي الأحمر بالقرب من مدينة سرت غربا، لإجبار السلطات المركزية في طرابلس على تطبيق النظام الفيدرالي. وهددت هذه الحكومة ببيع النفط الخام الواقع تحت سيطرتها في موانئ وحقول البريقة والسدرة وزويتينة والحريقة. إلى ذلك، نجا ضابط بإدارة الاستخبارات العسكرية وقيادي آخر من كتيبة شهداء الزنتان من محاولتين منفصلتين لاغتيالهما مساء أول من أمس. وقالت مصادر أمنية إن العقيد عصام الهويدي في إدارة الاستخبارات العسكرية نقل للعلاج إثر إصابته بأعيرة نارية من مجهولين غرب مدينة درنة، مشيرة إلى أن سليم نبوس القيادي بكتيبة شهداء الزنتان ببنغازي نجا من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة انفجرت في سيارته وسط المدينة. ومنذ يومين يواصل عدد من أهالي بنغازي تجمعهم أمام فندق تيبستي للاحتجاج على سوء الأوضاع الأمنية بالمدينة التي تتواصل فيها عمليات الاغتيالات والتفجيرات بشكل شبه يومي. وفى محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، قالت حكومة زيدان إنها خصصت جانبا من اجتماعها مساء أول من أمس لمناقشة الأوضاع الأمنية في البلاد بصفة عامة والوضع الأمني في مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها اتخذت جملة من القرارات التي ستسهم في دعم الأمن والاستقرار في المدينة. وقال وزير الداخلية إن الحكومة قررت تسييل مبلغ 17 مليون دينار لصالح مديرية أمن بنغازي، بالإضافة إلى تفعيل العقد الخاص بتركيب كاميرات مراقبة على مستوى ليبيا على أن يبدأ التنفيذ من بنغازي. وأعلنت حركة «9 نوفمبر»، التي تعتزم تنظيم مظاهرات شعبية حاشدة للمطالبة بانتخاب مؤتمر وطني عام (برلمان) جديد، أنها ستستثني بنغازي عاصمة الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 من دعوتها لتنظيم مظاهرات حاشدة نظرا لوضعها الأمني المتدهور.