من بداية حكاية «جهاد النكاح» في سوريا، وسفر مجموعة من الفتيات التونسيات، على سبيل المثال، لهذا الغرض، ثم عودتهن حبالى إلى بلادهن، وأنا أشك في صحة هذه القصص كلها. أشك ليس لأنه لا يوجد مجموعات تكفيرية في سوريا، ووجود من يفتي بخبل وهبل فيهم. أبدا، فهناك «قاعدة» في سوريا تكفِّر من لا ينتمي إليها. وقبل ظهورهم على المسرح السوري وكاتب هذه السطور توقع قدومهم إلى سوريا، لأسباب سبق شرحها هناك. وجود هؤلاء التكفيريين ضمن أعداء بشار، أمر يخدم ويفرح بشار نفسه، لتعزيز دعايته للعالم الغربي بأنه يقاتل بالنيابة عنهم تنظيمات القاعدة، كما أن «ازدهار» هذه المجموعات في سوريا إنما هو نتيجة لسبب، وعرض لمرض، وهو جهل وتخاذل أوباما ومعه عواصم أوروبا تجاه المأساة السورية. أعود لحدوتة «جهاد النكاح» هذه، وأستغرب كيف راجت على بعض من لديهم معرفة بأساليب المخابرات السورية والإيرانية والروسية في الدعاية السوداء! وكيف تم تصديق خبر يقول إن هناك فتاة من فتيات «جهاد النكاح» عاشرت مقاتلين أفغانا وباكستانيين وعراقيين وخليجيين وسوريين، وعادت وهي حامل! أي مطلع على الفقه، يعرف أن شرط وجود «العدة» للمرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها شرط أساس في أي فقه إسلامي. بأي «تخريجة» فقهية يمكن تسويغ هذا النكاح؟! لا يوجد. إذن، ف«جهاد النكاح» شتيمة صنعها إعلام الأسد. سؤال: هل يوجد شيء في الفقه الإسلامي اسمه «جهاد النكاح»؟ الجواب: لا. هل «جبهة النصرة»، وتنظيم «داعش»، ينطلقون من الشريعة؟ الجواب: نعم، كما يتصورون. من أين جاء هذا المفهوم إذن؟ من مطابخ الإعلام الدعائي لنظام الأسد، بغرض الحرب النفسية. وراج بسبب جهل «جل» الإعلام الدولي والعربي بمصطلحات الفقه. هل يعني هذا عدم وجود جرائم جنسية ما لدى التكفيريين؟ ربما هي موجودة، لكن ليست مؤصلة فقهيا. لقد أحسنت الأستاذة ديانا مقلد في مقالتها الأخيرة بهذه الجريدة، بعنوان: «سقوط كذبة جهاد النكاح» حين أشارت، بشرح واف، إلى تأليف الإعلام الأسدي للحكاية. ونبهتنا إلى تحقيق «اللوموند» الفرنسية و«فورين بوليسي» الأميركية حول هذه الفبركة. هذا ليس تبرئة للتكفيريين في سوريا، لكنه تنبيه إلى أكاذيب الأسد.